الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله ويقف الواحد عن يمينه والاثنان خلفه ) لحديث ابن عباس { أنه عليه الصلاة والسلام صلى به وأقامه عن يمينه } وهو ظاهر في محاذاة اليمين وهي المساواة وهذا هو المذهب خلافا لما عن محمد من أنه يجعل أصبعه عند عقب الإمام وأفاد الشارح أنه لو وقف عن يساره فإنه يكره يعني اتفاقا ، ولو وقف خلفه فيه روايتان أصحهما الكراهة ، وأطلق في الواحد فشمل البالغ والصبي واحترز به عن المرأة فإنها [ ص: 374 ] لا تكون إلا خلفه فلو كان معه رجل وامرأة فإنه يقيم الرجل عن يمينه والمرأة خلفهما ، وإن كان رجلان وامرأة أقام الرجلين خلفه والمرأة خلفهما وإنما يتقدم الرجلين { ; لأنه عليه الصلاة والسلام تقدم على أنس واليتيم حين صلى بهما } وهو دليل الأفضلية وما ورد من فعل ابن مسعود من أنه توسطهما فهو دليل الإباحة كذا في الهداية وغيرها ، وذكر الإسبيجابي أنه لو كان معه رجلان فإمامهم بالخيار إن شاء تقدم ، وإن شاء أقام فيما بينهما ، ولو كانوا جماعة فينبغي للإمام أن يتقدم ، ولو لم يتقدم إلا أنه أقام على ميمنة الصف أو على ميسرته أو قام في وسط الصف فإنه يجوز ويكره وينبغي أن يكون بحذاء الإمام من هو أفضل ، ولو قال المصنف كما في النقاية لكان أولى والزائد خلفه لشمول الزائد الاثنين والأكثر

                                                                                        وفي الخلاصة ، ولو كان المقتدي عن يمين الإمام فجاء ثالث وجذب المؤتم إلى نفسه بعد ما كبر الثالث لا تفسد صلاته وأشار المصنف إلى أن العبرة إنما هو للقدم لا للرأس فلو كان الإمام أقصر من المقتدي تقع رأس المقتدي قدام الإمام يجوز بعد أن يكون محاذيا بقدمه أو متأخرا قليلا وكذا في محاذاة المرأة كما سيأتي ، وإن تفاوتت الأقدام صغرا وكبرا فالعبرة بالساق والكعب والأصح ما لم يتقدم أكثر قدم المقتدي لا تفسد صلاته كذا في المجتبى ، وفي الظهيرية ، ولو جاء والصف متصل انتظر حتى يجيء الآخر ، فإن خاف فوت الركعة جذب واحدا من الصف إن علم أنه لا يؤذيه ، وإن اقتدى به خلف الصفوف جاز لما روي { أن أبا بكرة قام خلف الصف فدب راكعا حتى التحق بالصف فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا أبا بكرة زادك الله حرصا في الدين } ، ولو كان في الصحراء ينبغي أن يكبر أولا ثم يجذبه ، ولو جذبه أولا فتأخر ثم كبر هو قيل تفسد صلاة الذي تأخر ذكره الزندوستي في نظمه والمعنى فيه أن هذا إجابة بالفعل فيعتبر بالإجابة بالقول ، ولو أجاب بالقول فسدت كما إذا أخبر بخبر يسره فقال الحمد لله والأصح أنه لا تفسد صلاته ا هـ .

                                                                                        وفي القنية والقيام وحده أولى في زماننا لغلبة الجهل على العوام .

                                                                                        [ ص: 374 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        [ ص: 374 ] ( قوله فإنه يجوز ويكره ) ظاهره أن الكراهة في توسطه الصف تنزيهية ويشير إليه قوله أولى فينبغي والذي في النهر أن الكراهة تحريمية قال لترك الواجب دل على ذلك قوله في الهداية في وجه كراهة إمامة النساء لأنها لا تخلو عن ارتكاب محرم وهو قيام الإمام وسط الصف ( قوله والزائد خلفه ) هو الذي في النقاية وقوله لشمول الزائد إلخ تعليل للأولوية وأجاب في النهر بأنه قد علم من كلام المصنف تقدمه على ما زاد بالأولى ا هـ .

                                                                                        وهو الظاهر ( قوله بعد أن يكون محاذيا بقدمه أو متأخرا قليلا ) أقول : أفرد القدم فأفاد أن المحاذاة تعتبر بواحدة ولم أره صريحا والظاهر أنه لو كان معتمدا على قدم واحدة فالعبرة لها ولو اعتمد على القدمين ، فإن كانت إحداهما محاذية والأخرى متأخرة فلا كلام في الصحة ، وأما لو كانت الأخرى متقدمة فهل يصح نظرا للمحاذية أو لا نظرا للمتقدمة ؟ محل نظر ، وقد رأيت فيه في كتب الشافعية اختلاف ترجيح .




                                                                                        الخدمات العلمية