الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال رحمه الله : ( وإن قلع سنه فنبت مكانها أخرى سقط الأرش ) وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا عليه الأرش كاملا ; لأن الجناية وقعت موجبة له والتي نبتت نعمة مبتدأة من الله تعالى فصار كما لو أتلف مال إنسان فحصل للمتلف عليه مال آخر ولهذا يستأنى حولا بالإجماع أي يؤجل سنة بالإجماع وذكر في التتمة أن سن البالغ إذا سقط ينتظر حتى يبرأ موضع السن لا الحول هو الصحيح ; لأن نبات سن البالغ نادر فلا يفيد التأجيل إلا أن قبل البرء لا يقتص ولا يؤخذ الأرش ; لأنه لا يدري عاقبته . ا هـ .

                                                                                        قال صاحب العناية بعد نقل ذلك إجمالا وذلك ليس بظاهر ، وإنما الظاهر ما قالوه ; لأن الحول يشتمل على الفصول الأربعة ولها تأثير فيما يتعلق ببدن الإنسان فكل فصل منها يوافق مزاج المجني عليه فيؤثر في إنباته قال ولكن قوله بالإجماع فيه نظر ; لأنه قال في الذخيرة وبعض مشايخنا قال : الاستيفاء حولا من فصل القلع في البالغ والصغير جميعا لقوله عليه الصلاة والسلام في الجراحات كلها يستأنى حولا وهو كما ترى ينافي الإجماع قال رحمه الله : ( وإن أقيد فنبتت سن الأول تجب الدية ) معناه إذا قلع سن رجل فأقيد أي أقتص من القالع ثم نبت سن الأول المقتص له يجب على المقتص له أرش سن المقتص منه ; لأنه تبين أنه استوفى بغير حق ; لأن الموجب فساد المنبت ولم يفسد حيث نبت مكانها أخرى فانعدمت الجناية ولهذا يستأنى حولا وينبغي أن ينظر الناس في ذلك القصاص خوفا من مثله إلا أن في اعتبار ذلك تضييع الحقوق فاكتفينا بالحول ; لأنه ينبت فيه ظاهرا على تقدير عدم الفساد ، فإذا مضى الحول ولم تنبت فيه قضينا بالقصاص ثم إذا تبين أنا أخطأنا فيه كان الاستيفاء بغير حق إلا أن القصاص سقط للشبهة فيجب المال ولو ضرب سن إنسان فتحركت يستأنى حولا ليظهر فعله ، فإن سقطت سنه واختلفا قبل الحول فالقول للمضروب لتيقن التأجيل بخلاف ما لو شجه موضحة ثم جاء وقد صارت منقلة حيث يكون القول للضارب ; لأن الموضحة لا تورث المنقلة والتحريك يورث السقوط ولو اختلفا بعد القول كان القول للضارب ; لأنه منكر وقصد مضي الأجل الذي ضرب للثاني ولو لم يسقط فلا شيء للضارب ، وإن اختلفا في حصول الاسوداد بضربه فالقول قول الضارب قياسا ; لأنه هو المنكر ولا يلزم من الضرب الاسوداد فصار إنكاره له كإنكاره أصل الفعل وفي الاستحسان القول قول المضروب [ ص: 388 ] لأن ما يظهر عقيب فعل من الأثر يحال على الفعل ; لأنه هو السبب الظاهر إلا أن يقيم الضارب البينة أنه بغيره .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية