الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ثم المسائل على فصول أحدها في هبة الزوج لامرأته في مرضه ، والثاني في هبته في مرضه لامرأته ووصيته لأجنبي ، والثالث في هبة كل واحد من الزوجين لصاحبه ، وإذا وهب لامرأته في مرضه مائة درهم لا مال له غيرها وماتت ومات ، وتركت عصبة للزوج لورثة الزوج ستون ببعض الهبة ، وجازت في أربعين للزوج من ذلك عشرة بميراثه ، ولعصبتها عشرون لأنها لما ماتت قبل موت الزوج صارت أجنبية ، ولم تبق وارثة قبل موت الزوج فصحت الهبة لها فلم تبطل الهبة لها ، وإن كانت الهبة المنفذة وصية والوصية تبطل بموت الموصى له قبل موت الموصي لأنها هبة حقيقية حتى ملكها الموهوب له في الحال وصية حكما حتى تنفذ من الثلث .

                                                                                        والهبة لا تبطل بموت الموهوب له قبل موت الواهب بعدما تمت بالقبض ، وباعتبار أنها وصية تنفذ من الثلث عملا بالشبهين ولا يجوز إبطالها بالشك بعد صحتها ثم تخريجه لأبي حنيفة ، وهو أن جميع المال للزوج المائة الموهوبة فيجعل على ثلاثة أسهم لحاجتين لأجل الوصية للمرأة ، وذلك سهم وسهمان للزوج ماتت المرأة عن سهم فيكون ميراثا بين زوجها وعصبتها نصفين ، وقد انكسر بالنصف فأضعف فصار ستة فصار للزوج أربعة ، ولها سهمان [ ص: 491 ] فيعود إلى الزوج سهم بالميراث منها ، وهو السهم الدائر فاطرحه من نصيب الزوج فكان نصيبه أربعة فبقي له ثلاث ، ولها سهمان فصار جميع مال الزوج على خمسة خمسا المائة ، وذلك أربعون لها بالوصية ، وللزوج ثلاثة أخماسها ستون ثم يعود إلى الزوج نصف حصتها بالميراث فصار للزوج ثمانون ، ولعصبتها عشرون ، وأما تخريج أبي يوسف ، وهو أن مال الزوج ما يرث منها لا جميع ما وهب منها لأن هذه هبة منفذة ، ولهذا لا تبطل بموتها قبل موت الزوج فيعتبر بما لو وهبها في الصحة ثم ماتت ، والزوج وارثها يعتبر مال الزوج ما ورث منها لا جميع الموهوب فكذا هذا ، وقد ورث الزوج منها ستة عشر درهما وثلثي درهم لأن لها ثلث المائة ثلاثة وثلاثين وثلث فيكون للزوج نصفه ، وذلك ستة عشر درهما وثلثان ثم لها خمسا ستة عشر بعد طرح السهم الدائر من الوجه الذي بينا ، وذلك ستة دراهم وثلثان يضم إلى ما أعطينا لها في الابتداء .

                                                                                        وذلك ثلاثة وثلاثون وثلث فصار لها أربعون ثم يرث الزوج منها عشرين فيصير لورثة الزوج ثمانون ، وأما تخريج محمد بأن لها ثلث المائة ، وذلك ثلاثة وثلاثون وثلث فيجعل ذلك المال على سهمين لحاجتك إلى النصف للزوج بالميراث فيكون لها ثلث ذلك السهم بالوصية فانكسر بالثلث فاضرب أصل الفريضة ، وذلك سهمان في ثلاثة فصار ستة فاطرح السهم الدائر من جميع السهام فصار خمسة فلها خمسي ثلاثة وثلاثين وثلث ، وذلك ستة دراهم وثلثان فصار لها أربعون ، وللورثة ثمانون ، ولو كان لها مائة أخرى ، والمسألة بحالها فإنه يرد إلى ورثة الزوج عشرون درهما ببطلان الهبة ، وأربعون درهما بالميراث ، وتخريجه أن مال الزوج مائتا درهم وخمسون درهما ، وللمرأة بالوصية خمسا ذلك بعد طرح السهم الدائر ، وذلك مائة ثم يعود إلى الزوج نصفها بالميراث ، وذلك خمسون فصار للزوج مائتان ، وقد نفذنا الوصية في مائة فاستقام الثلث والثلثان ، ولو كان للمرأة مائتا درهم ثم سوى ذلك ولا مال للزوج سوى ما وهب ، والمسألة بحالها جازت الهبة في ستين ، وتخريجه أن مال الزوج يوم القسمة مائة وخمسون المائة الموهوبة وخمسون ميراثا فيجعل ذلك على ثلاثة للمرأة سهم وللزوج سهمان ثم سهم المرأة يصير ميراثا بين زوجها وعصبتها فانكسر بالنصف فضعف فصار لها سهمان ثم عاد إلى الزوج سهم بالميراث فصار في يد الزوج خمسة فالسهم الخامس هو الدائر فاطرحه من نصيب الزوج بقي نصيبه ثلاثة ، وبقي حق المرأتين سهمين فصار مال الزوج على خمسة فلها خمساه .

                                                                                        وذلك ستون ، ويرد أربعون إلى الزوج فصار في يد الزوج تسعون ثم يعود نصف ما صار لها بالوصية إلى الزوج ، وذلك ثلاثون فصار للزوج مائة وعشرون ، وقد نفذت الوصية في ستين فاستقام الثلث والثلثان ، ولو كان على أحدهما دين قضي دينه أولا ثم ما فضل ينفذ التبرع في ثلثه وهب لامرأته في مرضه مائة لا مال له غيرها ، وعليه دين خمسون ثم ماتت المرأة قبله أخذ رب الدين خمسين ، وجازت وصيتها في عشرين يعود نصفه إلى الزوج بالميراث فيكون لورثة الزوج أربعون ، ولورثتها عشرة لأن الوصية تنفذ من المال الفارغ عن الدين وخمسون درهما من مال الزوج مشغول بالدين فيجعل كالهالك ، ويعتبر ماله الفارغ خمسون ، وقد أوصى بذلك كله فتنفذ الوصية من الثلث ، ولها خمسا خمسين بعد طرح السهم الدائر على ما بينا ، وذلك عشرون فلها عشرون بالوصية ، وترد ثلاثين على ورثة الزوج ثم يعود نصف ما صار لها بالوصية من الزوج ، وبالميراث ، وذلك عشرة فصار له أربعون ، وقد نفذنا الوصية في عشرين ، ولو وهب لها ثمانين درهما ، وكان عليها عشرة دينا كانت وصيتها ثلاثين درهما ، وتخريجه أن مال الزوج خمسة وسبعون لأن دين المرأة نصفه على الزوج لأن قدر ما يصير للمرأة بالوصية كان ملكا للزوج ، ويعود إلى ملكه بالميراث فصار كالقائم في ملكه لما عاد إليه مثله فكذا هذا ونصف الدين من ذلك المال فكان نصف الدين على الزوج معنى واعتبارا ، وذلك خمسة .

                                                                                        والمشغول بالدين كالهالك في حق تنفيذ الوصية فيبقى مال الزوج خمسة وسبعين فيجعل ذلك على ثلاثة أسهم سهم لها يعود نصفه إلى الزوج بالميراث فانكسر فأضعف ستة سهمان للمرأة ، وأربعة للزوج ثم يعود سهم من سهمي المرأة إلى الزوج بالميراث فيصير له خمسة فالسهم الخامس هو السهم الدائر فاطرح من نصيب الزوج فصار ماله على خمسة أسهم خمساه للمرأة ، وذلك ثلاثون يقضى من ذلك دينها عشرة يبقى عشرون فارغا عن الدين والوصية فيعود نصف ذلك إلى الزوج بالميراث ، وذلك عشرة فصار لها ستون ، ولو وهب لها مائة ، وعليها عشرة دراهم ، والمسألة بحالها فلها [ ص: 492 ] ثمانون وثلثان بالوصية ، وتخريجه على ما ذكرنا .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية