الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ولو قال لفلان وصي إلى أن يقدم فلان فهو كما قال وذكر القدوري الأول وصي مع الثاني ولا يصح تخصيصه بزمان دون زمان وجه ظاهر الرواية أن الإيصاء قابل للتوقيت ; لأنه توكيل أو إثبات ولاية وكلا الأمرين قابل للتوقيت فيتوقت وصاية الأول بقدوم فلان فإذا قدم فلان انعزل الأول كما لو وكل وكيلا إلى أن يقدم فلان ، وصار الثاني وصيا ; لأنه علق وصية الأول بالشرط وتعليق الإيصاء بالشرط جائز ; لأنها وكالة وتعليق الوكالة ، والنيابة بالشرط جائز كما لو قال : إن سافرت فأنت وكيلي في أمري صح كما لو قال : أوصيت إلى عمرو ما لم يقدم زيد وسكت فقدم زيد كان عمرو وصيا بعد قدوم زيد وكان أقام عمرا وصيا ; لأنه مختار الميت ووصيه أولى من إقامة غيره بخلاف ما لو قال أوصيت إلى عمرو ما لم يقدم زيد فإذا قدم زيد فقد أوصيت إلى زيد كان كما قال ; لأنه لم يبق عمرو وصيا معه بعد قدوم زيد فإنه لا يحتاج إلى إقامة من ليس بمختار الميت مقام عمرو ولا بد من قبول الموصى له ; لأنه متبرع بالعمل ويلحقه ضرر العهدة فلا بد من قبوله ، والتزامه ، وإذا أوصى إليه فقبل قبل موته أو بعده ثم رد لم يخرج ; لأن الموصي ما أوصى إلا إلى من يعتمد عليه من الأصدقاء ، والأمناء فلو اعتبر القبول بعد الموت فربما لا يقبل فلا يحصل غرضه وهو الوصي الذي اختاره .

                                                                                        وقيل لو صح رده بعد الموت تضرر به وصار مغرورا من جهته ; لأنه اعتمد على قبوله بأن يقوم بجميع التصرفات بعد وفاته ، والوصي بقبول الوصاية التزم ذلك بمحضر منه فلو صح رده وقع الموصي في ضرر ويصير مغرورا من جهة الوصي فصارت الوصاية لازمة عليه شرعا بالتزامه نظرا للموصي دفعا للضرر عنه بخلاف الوصية بالمال ; لأنه ثمة لو لم يصح رده بعد موته لا يتضرر الميت ; لأنه يعود الثلث إلى الورثة بل الضرر على الموصى له ولو قبل في حياة الموصي ثم رده في حياته مواجهة يصح ولا يصح بدون محضر الموصي أو علمه لما فيه من الغرور كما في الوكيل ; لأن الموصي طلب منه الالتزام بعد الوفاة لإحالة الحياة ولا يمكنه في الأخيرة أن يوصي إلى غيره فتضرر به ولو لم يقبل في حياته فهو بالخيار بعد موته إن شاء قبل ، وإن شاء رد ; لأن هناك الميت مغرور وهنا ليس كذلك ; لأنه يمكنه أن يسأل أن يقبله أو لا يقبله فإذا لم يفعل واعتمد على أنه يقبله بعد موته ولم يوص إلى غيره فقد قصر في أمره فصار مغترا من جهة نفسه لا مغرورا من جهة الوصي ، والقبول تارة يكون بالقبول وتارة بالفعل فالقبول [ ص: 522 ] بالفعل كتنفيذ في وصيته أو شراء شيء للورثة أو قضاء دين كقبوله بالقول إذ الوصاية قد تمت وتقررت بموت الوصي شرعا فإنها لا تقبل البطلان من جهة الموصي .

                                                                                        إلا أن للموصى له ولاية الرد حتى لا يلزمه ضرر الوصاية بغير رضاه وليس من صيرورته وصيا بغير علمه ضرر على الوصي إذا كانت له ولاية الرد ، والإبطال كمن أقر لغيره بمال يثبت حكمه حتى لو مات المقر قبل القبول توقف على قبول المقر له فإذا تصرف الوصي في التركة تصرفا يدل على قبوله تلزمه الوصاية ; لأنه لا يقدر على الرد إلا برد التصرف ولا يمكنه رد التصرف فلا يبقى له ولاية الرد لزمته الوصاية ضرورة وعن أبي يوسف في المنتقى الدخول في الوصية أول مرة غلط ، والثاني خيانة ، والثالث سرقة وإذا ظهرت من الوصي خيانة عزله القاضي ، ونصب آخر ; لأن الأمانة في الإيصاء أصل ; لأن منفعة الإيصاء وفائدتها تحصل بها ثم الأوصياء ثلاثة عدل كاف ، وغير عدل كاف ، وفاسق مخوف على ماله فالعدل الكافي لا يعزله القاضي وإن عزله ينعزل وصار جائزا ; لأن للقاضي سطوة يد ، وولاية شاملة على الكافة خصوصا على مال الميت ، والصغار فيكون عزل القاضي كعزل الميت لو كان حيا ، قال صاحب الفصولين : المختار عندي أنه لا ينعزل .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية