الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله وفتحه على غير إمامه ) أي يفسدها لأنه تعليم وتعلم لغير حاجة قيد به لأنه لو فتح على إمامه فلا فساد لأنه تعلق به إصلاح صلاته أما إن كان الإمام لم يقرأ الفرض فظاهر وأما إن كان قرأ ففيه اختلاف والصحيح عدم الفساد لأنه لو لم يفتح ربما يجري على لسانه ما يكون مفسدا فكان فيه إصلاح صلاته لإطلاق ما روي عن علي رضي الله عنه إذا استطعمكم الإمام فأطعموه واستطعامه سكوته ولهذا لو فتح على إمامه بعدما انتقل إلى آية أخرى لا تفسد صلاته وهو قول عامة المشايخ لإطلاق المرخص وفي المحيط ما يفيد أنه المذهب فإن فيه وذكر في الأصل والجامع الصغير أنه إذا فتح على إمامه يجوز مطلقا لأن الفتح وإن كان تعليما ولكن التعليم ليس بعمل كثير وأنه تلاوة حقيقة فلا يكون مفسدا وإن لم يكن محتاجا إليه وصحح في الظهيرية أنه لا تفسد صلاة الفاتح على كل حال وتفسد صلاة الإمام إذا أخذ من الفاتح بعد ما انتقل إلى آية أخرى وصحح المصنف في الكافي أنه لا تفسد صلاة الإمام أيضا فصار الحاصل أن الصحيح من المذهب أن الفتح على إمامه لا يوجب فساد صلاة أحد لا الفاتح ولا الآخذ مطلقا في كل حال ثم قيل ينوي الفاتح بالفتح على إمامه التلاوة والصحيح أنه ينوي الفتح دون القراءة لأن قراءة المقتدي منهي عنها والفتح على إمامه غير منهي عنه قالوا يكره للمقتدي أن يفتح على إمامه من ساعته وكذا يكره للإمام أن يلجئهم إليه بأن يقف ساكتا بعد الحصر أو يكرر الآية بل يركع إذا جاء أوانه أو ينتقل إلى آية أخرى لم يلزم من وصلها ما يفسد الصلاة أو ينتقل إلى سورة أخرى كما في المحيط

                                                                                        واختلفت الرواية في وقت أوان الركوع ففي بعضها اعتبر أوانه المستحب وفي بعضها اعتبر فرض القراءة يعني إذا قرأ مقدار ما تجوز به الصلاة ركع كذا في السراج الوهاج وأراد من الفتح على غير إمامه تلقينه على قصد التعليم أما إن قصد قراءة القرآن فلا تفسد عند الكل كذا في الخلاصة وغيرها وأطلق في الفتح المذكور فشمل ما إذا تكرر [ ص: 7 ] منه أو كان مرة واحدة وهو الأصح لأنه لما اعتبر كلاما جعل نفسه قاطعا من غير فصل بين القليل والكثير كما في الجامع الصغير وفصل في البدائع بأنه إن فتح بعد استفتاح فصلاته تفسد بمرة واحدة وإن كان من غير استفتاح فلا تفسد بمرة واحدة إنما تفسد بالتكرار ا هـ .

                                                                                        وهو خلاف المذهب كما سمعت وشمل ما إذا كان المفتوح عليه مصليا أو لا أشار المصنف إلى أنه لو أخذ المصلي غير الإمام بفتح من فتح عليه فإن صلاته تفسد كما في الخلاصة ثم اعلم أن هذا كله على قول أبي حنيفة ومحمد وأما على قول أبي يوسف فلا تفسد صلاة الفاتح مطلقا لأنه قرآن فلا يتغير بقصد القارئ عنده وفي القنية ارتج على الإمام ففتح عليه من ليس في صلاته وتذكر فإذا أخذ في التلاوة قبل تمام الفتح لم تفسد وإلا فتفسد لأن تذكره يضاف إلى الفتح وفتح المراهق كالبالغ ولو سمعه المؤتم ممن ليس في الصلاة ففتحه على إمامه يجب أن تبطل صلاة الكل لأن التلقين من خارج . ا هـ .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله لأنه تعليم وتعلم لغير حاجة ) لأن المستفتح كأنه يقول إذا انتهيت إلى هذا فبعده ماذا والذي فتح عليه كأنه يقول إذا انتهيت إلى هذا فبعده هذا فيكون من كلام الناس كذا في السراج ( قوله ففي بعضها اعتبر أوانه المستحب ) قال في فتح القدير وهذا هو الظاهر من جهة الدليل ألا ترى إلى ما ذكروا { أنه صلى الله تعالى عليه وسلم قال لأبي هلا فتحت علي } مع أنها كانت سورة المؤمنين بعد الفاتحة ( قوله وأطلق في الفتح المذكور ) أي أطلق المصنف في الفتح المفسد وهو ما يكون على غير إمامه [ ص: 7 ] ( قوله وفي القنية ارتج على الإمام إلى قوله وتذكر ) .

                                                                                        أقول : يحتمل أن يكون المراد أنه تذكر بسبب الفتح وأن يكون تذكر بنفسه ولكنه صادف تذكره وفتح من ليس في صلاته في وقت واحد والظاهر الأول لأنه لو كان تذكره من نفسه لا يظهر فرق بين أخذه في التلاوة قبل تمام الفتح أو بعده ولا يظهر وجه الفساد لأن الفساد ليس بمجرد الفتح وإنما هو بالأخذ بسبب الفتح وإذا كان تذكره من نفسه لم يوجد الأخذ بسبب الفتح وكون الظاهر أنه أخذ بالفتح فيضاف إليه لا عبرة له مع ما في نفس الأمر لأن ذلك من الديانات من الأمور الراجعة إلى القضاء حتى يعتبر الظاهر ويدل عليه ما مر من أنه لو فتح على غير إمامه قاصدا القراءة لا التعليم لا تفسد عند الكل ومن أنه لو سمع الأذان فقال مثل ما يقول المؤذن تفسد إن أراد الجواب وإلا فلا ونحو ذلك مما اعتبر فيه ما في نفس الأمر لا الظاهر المتبادر هذا ما ظهر لي فليتأمل




                                                                                        الخدمات العلمية