الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال رحمه الله ( يبدأ من تركة الميت بتجهيزه ) المراد من التركة ما تركه الميت خاليا عن تعلق حق الغير بعينه ، وإن كان حق الغير متعلقا به كالرهن والعبد الجاني والمشتري قبل القبض فإن صاحبه يقدم على التجهيز كما في حال حياته فحاصله أنه معتبر بحال حياته فإن المرء يقدم نفسه في حال حياته فيما يحتاج إليه من النفقة والكسوة والسكنى على أصحاب الدين ما لم يتعلق حق الغير بعين ماله فكذا بعد وفاته يقدم تجهيزه من غير تقتير ولا تبذير وهو قدر كفن الكفاية أو كفن السنة أو قدر ما كان يلبسه في حال حياته من الوسط أو من الذي كان يتزين به في الأعياد والجمع والزيارات على ما أختلفوا فيه لقوله تعالى { والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما } وهو محترم حيا وميتا فلا يجوز كشف عورته وفي الأثر لعظام الميت من الحرمة ما لعظام الحي فيجب أن يعلم أن التركة تتعلق بها حقوق أربعة جهاز الميت ودفنه والدين والوصية والميراث فيبدأ بجهازه وكفنه وما يحتاج في دفنه بالمعروف وفي [ ص: 558 ] الكافي من غير تبذير ولا تقتير وفي التهذيب إذا مات الرجل يبدأ من تركته بتكفينه وتجهيزه بالمثل والمثل ما يلبس عند الخروج وقيل في الأعياد وقيل في الجمع والجماعات وهو الأصح ، ثم الدين وأنه لا يخلو إما أن يكون الكل دين المرض ، وإن كان البعض دين الصحة والبعض دين المرض فإن كان الكل سواء لا يقدم البعض على البعض ، وإن كان الدين دين الصحة والبعض دين المرض ثبت بالبينة أو المعاينة فهو دين الصحة سواء وفي المضمرات وسئل عمن مات وله مال في يد أجنبي وطلب منه الورثة تسليم ذلك وعلى الميت ديون والمدعى عليه يعلم بذلك وأنهم ورثته فصالحه الورثة عما عليه وفي يده مال ، ثم دفعه من مال نفسه إليهم هل يغرم لغرماء الميت فقال نعم ولا يبرأ بهذا الصلح وسئل عمن مات وله في يد أجنبي مال وله ورثة ولا شيء في أيديهم وعلى الميت ديون على من يدعي صاحب الدين وعلى من يقيم البينة فقال على ذي اليد بحضرة الورثة وتنفذ وصاياه من ثلث ماله ، وفي الفرائض للحسامي ، ثم تنفذ وصاياه من ثلث ما يبقى بعد الكفن والدين إلا أن يجيز الورثة أكثر من الثلث ويقسم الباقي بين الورثة على سهام الميراث وهذا إذا كانت الوصية بشيء بعينه فأما إذا كانت الوصية شائعا نحو الوصية بالثلث أو بالربع لا تقدم الوصية على الميراث بل يكون الموصى له شريك الورثة في هذه الصورة يزاد حقه بزيادة تركة الميت وينقص حقه بنقصان تركة الميت .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية