الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : فإن اشترى هديا تطوعا فلما قلده وأشعره أصاب به عورا أو عمى كيف يصنع في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : يمضي به هديا ويرجع على صاحبه بما بين الصحة والداء فيجعله في هدي آخر إن بلغ ما رجع به على البائع أن يشتري به هديا ، قلت : فإن لم يبلغ ما رجع به على البائع أن يشتري به هديا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : يتصدق به . قلت : أرأيت هذا الهدي الذي قلده وأشعره وهو أعمى عن أمر وجب عليه وهو مما لا يجوز في الهدي ، لم أوجبه مالك وأمره أن يسوقه ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قول مالك عندي لو أن رجلا اشترى عبدا وبه طيب فأعتقه عن أمر وجب عليه وهو أعمى مما [ ص: 478 ] لا يجوز في الرقاب الواجبة ، ثم ظهر على العيب الذي به فإنه يرجع على بائعه بما بين الصحة والداء فيستعين به على رقبة أخرى ، ولا تجزئه الرقبة الأولى التي كان بها العيب عن الأمر الواجب الذي كان عليه ، وليس له أن يرى الرقبة الأولى رقيقا بعد عتقها وإن لم تجزه عن الذي أعتقها عنه ، قال مالك : وإن كان العيب مما تجوز به الرقبة ، جعل ما يسترجع لذلك العيب في رقبة أو في قطاعة مكاتب يتم به عتقه وإن كانت تطوعا صنع به ما شاء ، فالبدنة إذا أصاب بها عيبا لم يستطع أن يردها تطوعا كانت أو واجبة وهي إن كانت واجبة فعليه بدلها ويستعين بما يرجع به على البائع في ثمن بدنته الواجبة عليه ، قلت : وإن كانت بدنته هذه التي أصاب بها العيب تطوعا لم يكن عليه بدلها وجعل ما أخذ من بائعه لعيبها الذي أصابه بها في هدي آخر ؟ قلت : فإن لم يبلغ هديا آخر تصدق به على المساكين . قلت : أرأيت إن جنى على هذا الهدي رجل ففقأ عينه أو أصابه بشيء يكون له أرش فأخذه صاحبه ما يصنع به في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : أرى ذلك بمنزلة الذي رجع بعيب أصابه في الهدي بعدما قلده .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية