الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن قال رجل في المسجد لرجال اشهدوا أني قد خيرت امرأتي ، ثم مضى إلى البيت فوطئها قبل أن تعلم أيكون لها أن تقضي إذا علمت وقد وطئها ؟ قال : نعم ، لها أن تقضي إذا علمت ويعاقب فيما فعل من وطئه إياها قبل أن يعلمها ; لأن مالكا قال في الرجل يتزوج المرأة ويشترط لها إن تزوج عليها أو تسرر فأمرها بيدها فتزوج أو تسرر وهي لا تعلم ، قال : قال مالك : لا ينبغي له أن يطأها حتى يعلمها فتقضي أو تترك ، قال ابن القاسم : وأرى إن وطئ قبل أن تعلم كان ذلك بيدها إذا علمت تقضي أو تترك .

                                                                                                                                                                                      قال : وقال مالك : وكذلك الأمة تحت العبد إذا أعتقت فتوطأ قبل أن تعلم فإن لها الخيار إذا علمت ، ولا يقطع وطؤه خيارها إلا أن يطأها بعد علمها .

                                                                                                                                                                                      قلت : ويحول مالك بين وطء العبد والأمة إذا أعتقت وهي تحته حتى تختار أو تترك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم ، قال مالك : لها أن تمنعه حتى تختار وتستشير ، فإن أمكنته بعد العلم فلا خيار لها ، قال سحنون : حدثني ابن وهب عن عبد الجبار عن ابن شهاب أن امرأة منهن اختارت نفسها فذهبت وكانت بدوية .

                                                                                                                                                                                      قال : وقال ابن وهب سمعت يحيى بن عبد الله بن سالم يحدث عن ربيعة وغيره { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خير أزواجه اختارت امرأة منهن نفسها فكانت ألبتة } ، قال : وحدثني ابن وهب عن ابن لهيعة عن خالد بن يزيد ويزيد بن أبي حبيب وسعيد بن أبي هلال عن عمرو بن شعيب بنحو ذلك ، قال : واختارت الرجعة إلى أهلها وهي ابنة الضحاك العامري .

                                                                                                                                                                                      قال : وقال ابن وهب أخبرني رجال من [ ص: 279 ] أهل العلم عن زيد بن ثابت وربيعة بن أبي عبد الرحمن أنهما قالا إن اختارت نفسها فهي البتة ، قال : قال ربيعة لم يبلغنا أثبت من أنها لا تقضي إلا في البتة أو الإقامة على غير تطليقة ليس بين أن تفارق أو تقيم بغير طلاق شيء ، قال : وأخبرني ابن وهب عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب إن قال اختاري ثم قال : قد رجعت في أمري وقال ذلك قبل أن تثبت طلاقها وقبل أن يفترقا وقبل أن يتكلم بشيء فقال ليس ذلك إليه ولا له حتى تبين هي ، قال : فإن ملك ذلك غيرها بتلك المنزلة وقال الليث مثل قول ربيعة ومالك في الخيار .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية