الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت رجلا ظاهر من أربع نسوة له في كلمة واحدة ، فصام شهرين متتابعين عن واحدة منهن فجامع في شهري صيامه بالليل واحدة من نسائه ممن لم ينو الصيام عنها ، أيفسد ذلك صومه عن هذه التي نوى الصوم عنها ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم ، قلت : ولم وإنما نوى بالصيام واحدة منهن ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لأنه لو حلف على ثلاثة أشياء بيمين واحدة ، كقوله والله لا ألبس قميصا ولا آكل خبزا ولا أشرب ، ثم فعل واحدة منهن حنث فوجبت عليه الكفارة ، فلا شيء عليه فيما بقي مما كان حلف عليه إن فعله لو فعله .

                                                                                                                                                                                      قال : ومما يبين ذلك في أنه لو كفر في قول من يقول : لا بأس بأن يكفر قبل الحنث ، وقد قال مالك : أحب إلي أن يكفر بعد الحنث قال : وإن كفر قبل الحنث رجوت أن يجزئه في هذه الأشياء الثلاثة قبل أن يفعل واحدة منهن وإنما نوى بالكفارة عن شيء واحد من هذه الثلاثة إن أراد أن يفعله ولم تخطر له الاثنتان الباقيتان في كفارته فإنما أراد بكفارته عن ذلك الشيء الواحد ثم فعل بعد الكفارة هذين اللذين لم يرد بالكفارة عنهما فإنه لا تجب عليه كفارة أخرى في فعله وتجزئه الكفارة الأولى عن الثلاثة الأشياء التي حلف عليها .

                                                                                                                                                                                      قال : وهذا رأيي ولقد سئل مالك عن رجل حلف بعتق رقبة أن لا يطأ امرأته ، فكان في ذلك موليا فأخبر أن الإيلاء عليه فأعتق رقبة في ذلك إرادة إسقاط الإيلاء عنه أترى ذلك مجزئا عنه ولا إيلاء عليه ؟ فقال نعم وإن كان أحب إلي أن لا يعتق إلا بعدما يحنث ولكن إن فعل فهو مجزئ عنه فهذا يبين لك ما كان قبله .

                                                                                                                                                                                      قال : ومما يبين ذلك لو أن رجلا ظاهر من ثلاث نسوة له في كلمة واحدة فوطئ واحدة منهن ثم كفر عنها ونسي الباقيتين أن يدخلهما في كفارته وإنما أراد بكفارته لمكان ما وطئ من الأولى لكان ذلك مجزئا عنه في الاثنتين الباقيتين ولم يكن عليه فيما بقي شيء .

                                                                                                                                                                                      قال : وقال مالك : من ظاهر من امرأته فصام شهرا ثم جامعها في الليل قال : يستأنف ولا يبني .

                                                                                                                                                                                      قال : وكذلك الإطعام لو بقي من المساكين شيء .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية