الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      استبراء الأمة تباع فتحيض عند البائع قبل أن يقبضها المبتاع

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن اشتريت جارية فمنعني صاحبها من أن أقبضها حتى أدفع إليه الثمن ، فحاضت عند البائع بعد استبرائي إياها قبل أن أقبضها ، ثم دفعت إليه الثمن وقبضت الجارية ، أتجزئ تلك الحيضة من الاستبراء في قول مالك أم لا ؟ فقال : إن أخذها في أول حيضتها أجزأه ذلك ، وإن كانت في آخر حيضتها أو بعد أن طهرت لم يجزه ذلك حتى تحيض حيضة مستقبلة وعلى البائع المواضعة .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن لم يمنعه القبض فلم يقبضها المشتري حتى حاضت عند البائع ، أيجزئ المشتري هذه الحيضة من الاستبراء أم لا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : إن كان المشتري لم يسأله القبض والبائع لم يمنعه ، إلا أن المشتري ذهب ليأتي بالثمن فأبطأ عن القبض حتى حاضت الجارية عند البائع ، ثم جاء ليقبضها فإن كانت من وخش الرقيق فأرى أن يستبرئها بحيضة مستقبلة وإن كانت من علية الرقيق رأيت أن يتواضعاها ، وكذلك إن كان البائع منعها من المشتري حتى يقبض الثمن فحاضت عند البائع فإن كانت من علية الرقيق تواضعاها وإن كانت من وخش الرقيق قبضها المشتري وكان عليه أن يستبرئها بحيضة مستقبلة إلا أن يكون أمكنه منها وتركها عنده ، فإن حيضتها استبراء للمشتري لأن ضمانها كان منه لأنه بمنزلة أن لو وضعها عند غيره . [ ص: 368 ]

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت من اشترى جارية وهي حائض ، أتجزئه هذه الحيضة في قول مالك من الاستبراء ؟

                                                                                                                                                                                      قال مالك : إن كانت في أول حيضتها أجزأه ذلك من الاستبراء ، وإن كانت في آخر الحيضة لم يجزه مثل اليوم وما أشبهه ، وإن كانت قد أتت على آخر حيضتها استقبلت حيضة أخرى ، قلت : فإن كانت هذه الأمة المشتراة قد حاضت عند بائعها فلما اشتراها رأت الدم عنده يوما أو يومين بعد خمسة أيام من حيضتها التي حاضتها عند البائع ، أيكون هذا استبراء أم لا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا يكون هذا استبراء .

                                                                                                                                                                                      قلت : وتدع الصلاة ، قال : نعم .

                                                                                                                                                                                      قلت : ولم لا تجعله استبراء ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا يكون الدم التي تراه استبراء حتى يكون بين الدمين من الأيام ما يعلم أن الدم الثاني حيض ، فإذا وقع بين الدمين من الأيام ما يعلم أن الدم الثاني حيضة كانت حائضا قلت : فإن لم تر هذا الدم الذي يعلم أنه حيض مستقبل إلا يوما واحدا ثم انقطع عنها ، أتجعله حيضا ويجزئها من الاستبراء ؟

                                                                                                                                                                                      قال : يسأل النساء عن ذلك ، فإن قلن إن الدم يوم أو بعض يوم يكون حيضا كان هذا استبراء ، وإلا فلا أراه استبراء حتى تقيم في الدم ما يعرف ويستيقن أنه استبراء لرحمها ، ولا يكون هذا الدم استبراء إذا لم أجعله حيضة تامة وإن كنت أمنعها من الصلاة .

                                                                                                                                                                                      فقلت : أرأيت ما بين الدمين من الطهر ، كيف يعرف عدد ما بين الدمين حتى يجعل الدم الثاني حيضا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : الثلاثة الأيام والأربعة الأيام والخمسة إذا طهرت فيها ثم رأت الدم بعد ذلك ، إن ذلك من الحيضة الأولى .

                                                                                                                                                                                      قال : وما قرب من ذلك فهو كذلك .

                                                                                                                                                                                      قال : وسألنا مالكا عن امرأة طلقت فقالت قد حضت في شهر ثلاث حيض ؟

                                                                                                                                                                                      قال : يسأل النساء ، فإن كن يحضن كذلك ويطهرن صدقن وإلا فلا ، ويسأل النساء عن عدد أيام الطهر ، فإن قلن : هذه الأيام تكون طهرا فيما بين الحيضتين ، وجاء هذه الأمة بعد هذه الأيام من الدم ما يقلن النساء : إنه دم حيضة ، ولا يشككن أنها حيضة أجزأه ذلك من الاستبراء وإلا فلا .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية