الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : فإن كانت السلعة نقدا والدينار إلى أجل والدرهم إلى أجل أيجوز ذلك أم لا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : ذلك جائز إذا كان أجل الدينار والدرهم واحدا قلت : فإن كان اشترى السلعة بدينار إلا درهمين فهو مثل الذي اشترى السلعة بدينار إلا درهما في جميع ما سألتك عنه في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم قال ابن القاسم : كان مالك يقول : الدرهم والدرهمان والشيء الخفيف قال ابن القاسم : قال مالك : وأما الثلاثة فلا أحبه ولا خير فيه عندي قلت : فإن اشتريت سلعة بدينار إلا عشرة دراهم ؟ .

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : لا خير فيه إلى أجل ، ولا بدينار إلا ستة دراهم ، ولا بدينار إلا خمسة دراهم إلا أن يكون ذلك نقدا قلت : فإن كان الدينار والعشرة دراهم أو الخمسة أو الستة إلى أجل واحد والسلعة نقدا ؟ .

                                                                                                                                                                                      قال : لا يصلح ذلك عند مالك ولا يحل قلت : لم وقد جوزه في الدرهم والدرهمين إذا كان الدينار والدرهم والدرهمان إلى أجل واحد ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لأن الدرهم والدرهمين تافه ولا غرر فيه ولا تقع فيه المخاطرة ، وإن الدينار إلى ذلك الأجل أكثر من هذين الدرهمين لا شك فيه قال : وما جوز مالك الدرهم والدرهمين إذا استثناهما إلا زحفا لأنهما لا يكونان أكثر من الدينار وللآثار قال : والعشرة الدراهم لا يدري لعله إذا حل الأجل تغترق جل الدينار ويحول الصرف إلى ذلك الأجل فهذا مخاطرة وغرر فلذلك لم يجوزه في العشرة والخمسة ، وهو في الدرهم والدرهمين إذا كان أجلهما وأجل الدينار واحدا فليس ذلك بخطر .

                                                                                                                                                                                      قال ابن وهب : وذكر ذلك عن خالد بن حميد ، عن عقيل ، عن ابن شهاب أنه قال في بيع الثوب بدينار إلا ربع دينار أو بدينار إلا درهمين : لا بأس به ابن وهب ، عن عبد الجبار بن عمر ، عن ربيعة أنه كان يقول في الرجل يبيع الشيء بدينار إلا درهمين ويستأخر الثمن عليه فكان ربيعة يقول : لا بأس به أن يأتي الرجل [ ص: 16 ] بالدينار يقبضه ثم يأخذ من البائع درهمين ولا يراه صرفا قال : ربيعة وإن فيها لمغمزا وليس به بأس . ابن وهب . قال الليث قال ربيعة : في الرجل يشتري الثوب بدينار إلا درهما قال ربيعة : ما زال هذا من بيوع الناس ، وأنه لا يكون الرد والثمن إلا إلى أجل واحد وأن فيه لمغامزكم من الصرف قال الليث : قال ربيعة : وإن باع بدينار إلا درهما ورقا فدفع الدينار وأخذ الثوب ولم يجد عنده درهما قال : هذا مثل أن يأخذ الدرهم مع الدنانير يخشى أن ينزل بمنزلة الصرف

                                                                                                                                                                                      قال الليث : وقال يحيى بن سعيد : إن أشبه الأمور بعمل الصالحين أن لا يفارقه حتى يأخذ الدرهم ولا يكون في شيء من ذلك نظرة . ابن وهب ، عن الليث ، عن طلحة بن أبي سعيد ، عن صخر بن أبي غليط حدثه : أنه كان مع أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف فابتاع أبو سلمة ثوبا بدينار إلا درهما فأعطاه أبو سلمة الدينار وقال : هلم الدرهم ، فقال : ليس عندي الآن درهم حتى ترجع إلي فألقى إليه أبو سلمة الثوب وقبض الدينار منه وقال : لا بيع بيني وبينك قال الليث : وكتب إلي يحيى بن سعيد يقول : سألت عن الرجل يشتري قمحا أو غير ذلك بنصف دينار أو بثلث دينار فيدفع إلى بائعه دينارا فيأخذ فضلته دراهم ويؤخر ما اشترى منه حتى يأتيه في يوم آخر فيأخذه منه ، أو اشترى تلك السلعة بدرهمين أو ثلاثة فيدفع إليه دينارا ويأخذ فضله من صرف الدينار دراهم وأخر السلعة حتى يلقاه فيها من يوم آخر قال يحيى : لم أزل أسمع أنه يكره أن يبتاع ببعض دينار شيئا ويأخذ فضله ورقا ويترك ما ابتاع لأن ذلك يرى صرفا . ابن لهيعة ، عن عقيل ، عن القاسم بن محمد وابن شهاب أنهما قالا : إذا اشتريت من رجل بيعا ببعض دينار ثم دفعت إليه الدينار ففضل لك عنده ثلث أو نصف فلا عليه أعجله لك أو أخره .

                                                                                                                                                                                      وإنما معناه أنه قبض السلعة قال مالك : إذا قال له المشتري بعدما يجب البيع ويثبت هذا دينار ففيه ثلثاك وأمسك ثلثي عندك وانتفع به أن ذلك لا بأس به إذا صح ذلك ، ولم يكن على شرط عند البيع ولا وأي ولا عادة ولا إضمار منهما قال ابن القاسم : وسألت مالكا عن الرجل يقدم البلد من البلدان ومعه الدراهم مثل أهل إفريقية يقدمون الفسطاط ومعهم الدراهم فيكون مع التاجر عشرة آلاف درهم أو أكثر [ ص: 17 ] ورقيق وأمتعة ونقار فضة فيقول الرجل : قد ابتعت منك دراهمك ونقارك ورقيقك هذه بألفي دينار نقدا واستوجب ذلك منه صفقة واحدة وتنقده ، قال مالك : لا خير في ذلك ، لا يكون مع الصرف بيع شيء من السلع قلت لمالك : فالرجل يشتري الثوب وعشرة دراهم بدينار قال : لا بأس بهذا ولم يره مثل الآخر قال : ورأيت مالكا يرى أن هذا تبع للدينار قال : ابن القاسم وأخبرني الدراوردي عن ربيعة وغيره من علماء المدينة ممن مضى أنه يكره ذلك ويقول : لا يكون صرف وبيع ولا مساقاة وبيع ولا شركة وبيع ولا نكاح وبيع قال ابن القاسم : وسمعت مالكا يقول : لا يكون صرف وبيع ولا جعل وبيع ولا قراض وبيع قال ابن القاسم : وأخبرني ابن الدراوردي أن غير واحد من علمائهم أو بعض علمائهم كان يقول مثل قول مالك في هذا إلا النكاح لم أحفظه عن ابن الدراوردي لا يكون صرف وبيع

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية