الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في خروج المعتكف واشتراطه قال ابن القاسم : وسألت مالكا عن المعتكف أيخرج من المسجد يوم الجمعة للغسل ؟ فقال : نعم لا بأس بذلك .

                                                                                                                                                                                      قال : وسئل مالك عن المعتكف تصيبه الجنابة أيغسل ثوبه إذا خرج فاغتسل ؟ فقال : لا يعجبني ذلك ولكن يغتسل ولا ينتظر غسل ثوبه وتجفيفه ، وإني لأحب للمعتكف أن يتخذ ثوبا غير ثوبه إذا أصابته جنابة أن يأخذه ويدع ثوبه . قال : وسألت مالكا عن المعتكف أيخرج ويشتري لنفسه طعامه إذا لم يكن له من يكفيه ؟ فقال قال لي مالك مرة : لا بأس بذلك ، ثم قال بعد ذلك لا أرى ذلك له ، قال : وأحب إلي إذا أراد أن يدخل اعتكافه أن يفرغ من حوائجه .

                                                                                                                                                                                      قلت لابن القاسم : أرأيت للمعتكف إذا خرج لحاجته المكث بعد قضاء حاجته شيئا أم لا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا يمكث بعد قضاء حاجته شيئا .

                                                                                                                                                                                      قلت : وهذا قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم .

                                                                                                                                                                                      قلت لابن القاسم : أرأيت معتكفا أخرج في حد عليه أو خرج فطلب حدا له أو خرج يقتضي دينا له أو أخرجه غريم له ، أيفسد اعتكافه في هذا كله ؟ فقال : نعم ، فقال : أتحفظه عن مالك ؟ فقال : لا ، وقال مالك : لم أسمع أن أحدا من أهل العلم يذكر أن في الاعتكاف شرطا لأحد ، وإنما الاعتكاف عمل من الأعمال كهيئة الصلاة والصيام والحج ، فمن دخل في شيء من ذلك فإنما يعمل فيه بما مضى من السنة في ذلك وليس له أن يحدث في ذلك غير ما مضى عليه الأمر بشرط يشترطه أو بأمر يبتدعه ، وإنما الأعمال في هذه الأشياء بما مضى فيها من [ ص: 293 ] السنة ، وقد اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرف المسلمون سنة الاعتكاف . وقال مالك : المعتكف مقبل على شأنه لا يعرض لغيره مما يشغل به نفسه من التجارات أو غيرها .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت المعتكف يسكر ليلا ثم يذهب ذلك عنه قبل أن ينفجر الصبح ، أيفسد ذلك عليه اعتكافه ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم .

                                                                                                                                                                                      قال سحنون وحديث ابن شهاب وعطاء بن أبي رباح دليل على هذا في الذنب الذي أحدثه في اعتكافه .

                                                                                                                                                                                      قال ابن وهب عن يونس عن يزيد ، أنه سأل ابن شهاب عن رجل اعتكف وشرط أن يطلع إلى قريته اليوم واليومين ويطلع على أهله ويسلم عليهم أو لحاجة ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا شرط في الاعتكاف في السنة التي مضت .

                                                                                                                                                                                      قال سحنون عن ابن وهب عن محمد بن عمر ، وعن ابن جريج عن عطاء أنه قال : لا يبيع المعتكف ولا يبتاع ولا بأس أن يأمر إنسانا فيقول ابتع لي كذا وكذا .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية