الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : ولو أن رجلا كانت له مائة [ ص: 314 ] دينار فأقامت في يديه ستة أشهر ثم أخذ منها خمسين دينارا فابتاع بها سلعة فباعها بثمن إلى أجل ، فإن بقيت الخمسون حتى يحول عليها الحول زكاها ثم اقتضى بعد ذلك من ثمن تلك السلعة من قليل أو كثير زكاه ، وإن كانت الخمسون قد تلفت قبل أن يحول عليها الحول وتجب فيها الزكاة ، فلا زكاة عليه فما اقتضى حتى يبلغ ما اقتضى عشرين دينارا ، فإن بقيت الخمسون في يديه حتى يزكيها ثم أنفقها بعد ذلك فأقام دهرا ثم اقتضى من الدين دينارا فصاعدا فإنه يزكيه ، لأن هذا الدينار من أصل مال قد وجبت فيه الزكاة وهي الخمسون التي حال عليها فزكاها ، فالدين على أصل تلك الخمسين لأنه حين وجبت الزكاة في الخمسين صار أصل الدين وأصل الخمسين واحدا في وجوب الزكاة ويفترقان في أحوالهما ، فإنما مثل ذلك مثل الرجل يبيع السلعة بمائة دينار ولا مال له غيرها ، فتقيم سنة في يدي المشتري ثم يقتضي منها عشرين دينارا فيخرج منها نصف دينار ثم يستهلكها ثم يقتضي بعد ذلك من ذلك الدين شيئا ، فما اقتضى من قليل أو كثير فعليه فيه الزكاة لأن أصله كله كان واحدا .

                                                                                                                                                                                      قال : وكل مال كان أصله واحدا أقرضت بعضه أو ابتعت ببعضه سلعة ، فبعتها بدين وتبقى بعض المال عندك وفيما أبقيت ما تجب فيه الزكاة فلم تتلفه حتى زكيته ، فهو والمال الذي أقرضت أو ابتعت به سلعة فبعت السلعة بدين فهو أصل واحد يعمل فيه كما يعمل فيه لو ابتيع به كله ، فإذا اقتضى مما ابتيع به كله عشرين دينارا وجب فيه نصف دينار ، وما اقتضى بعد ذلك من قليل أو كثير ففيه الزكاة وإن كان قد استهلك العشرين التي اقتضى ، قال : وهو قول مالك

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية