الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : فلو أن رجلا كانت له مائة دينار أقرضها كلها رجلا فأقامت عند الرجل سنين ، ثم إنه أفاد عشرة دنانير فحال على [ ص: 321 ] العشرة الدنانير الحول ، أيزكي هذه العشرة حين حال عليها الحول مكانه أم لا ؟ فقال : لا زكاة عليه في هذه الفائدة العشرة الساعة ، لأنه ليس في يديه مال تجب فيه الزكاة .

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : ألا ترى لو أنه اقتضى من المائة الدينار الدين بعدما حال عليه الحول عشرة دنانير ، لم يكن عليه زكاة في العشرة حتى يقتضي عشرين دينارا إذا لم يكن عنده مال سوى العشرة التي اقتضى . فكذلك هذه العشرة التي أفاد .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإذا اقتضى من المائة الدينار الدين عشرة دنانير بعدما حال على هذه العشرة الفائدة الحول ؟ فقال : يزكي العشرة التي اقتضى والعشرة الفائدة جميعا ويصير حولهما واحدا .

                                                                                                                                                                                      قلت : ولم أمرته أن يزكي العشرة الفائدة حين اقتضى العشرة من المائة الدين ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لأن العشرة الفائدة حين حال عليها الحول عنده وله مائة دينار دين ، وجبت الزكاة في هذه العشرة إن خرج دينه أو خرج من دينه ما إن أضافه إلى هذه العشرة يبلغ ما تجب فيه الزكاة .

                                                                                                                                                                                      وإنما منعنا أن نلزمه الزكاة في العشرة التي أفاد بعدما حال عليها عنده الحول ; لأنا لا ندري أيخرج من ذلك الدين شيء أم لا ، فلما خرج من الدين ما إن أضفته إلى هذه العشرة الفائدة التي حال عليها الحول وجبت فيها الزكاة ، وكان وقت ما خرج من الدين والعشرة الفائدة التي أتمها ما خرج من الدين اللذين يصير حولهما واحدا يوم زكاهما ، ثم ما اقتضى من ذلك الدين بعد ذلك زكاه كل ما اقتضى منه شيئا ، ويصير كل ما اقتضى من المائة الدين على حوله من يوم يزكيه شيئا بعد شيء ، فتصير أحوال كل ما اقتضى من الدين وأحوال العشرة الفائدة على ما وصفت لك وهو قول مالك ، ولو أنه استهلك الفائدة بعد أن حال عليها الحول ، ثم اقتضى بعد ذلك من الدين عشرة دنانير ، وجبت عليه في الفائدة الزكاة وإن كان قد استهلكها أو استنفقها قبل أن يقتضي هذه العشرة إذا كان الحول قد حال عليها قبل أن يستهلكها أو يستنفقها .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية