الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت لابن القاسم : أرأيت رجلا أحرم بالعمرة في أشهر الحج وساق معه الهدي فطاف لعمرته وسعى بين الصفا والمروة ، أيؤخر الهدي ولا ينحره حتى يوم النحر ويثبت على إحرامه أم ينحره ويحل ؟ قال : قال مالك ؟ ينحره ويحل ولا يؤخره إلى يوم النحر ، قال : ولا يجزئه من دم المتعة هذا الهدي إن أخره إلى يوم النحر ، لأن هذا الهدي قد وجب على هذا الذي ساقه أن ينحره .

                                                                                                                                                                                      قال مالك : وليحلل إذا طاف لعمرته وينحر هديه .

                                                                                                                                                                                      قلت لابن القاسم : فمتى ينحر هذا المتمتع هديه هذا في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : إذا سعى بين الصفا والمروة نحره ، ثم يحلق أو يقصر ثم يحل [ ص: 410 ] فإذا كان يوم التروية أحرم ، قال : وكان مالك يستحب أن يحرم في أول العشر .

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : وقد قال مالك في هذا الذي تمتع في أشهر الحج وساق معه الهدي : إنه إن أخر هديه وحل من عمرته فنحره يوم النحر عن متعته ، قال مالك : فأرجو أن يكون مجزئا عنه ، قال : وقد فعل ذلك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، قال مالك : ولكن الذي قلت لك من أنه ينحره ولا يؤخره أحب إلي .

                                                                                                                                                                                      قلت لابن القاسم : ففي قول مالك إذا هو تركه حتى ينحره يوم النحر أيثبت حراما أم يحل ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : بل يحل ولا يثبت حراما ، كذلك قال مالك وإن أخر هديه .

                                                                                                                                                                                      قلت لابن القاسم : ما قول مالك في هذا الذي تمتع بالعمرة فساق الهدي معه في عمرته هذه فعطب هديه قبل أن ينحره ؟ قال : هذا الهدي عند مالك هدي تطوع ، فلا يأكل منه وليتصدق به لأنه ليس بهدي مضمون لأنه ليس عليه بدله ، قال ابن القاسم : وإن أكل منه كان عليه بدله وليحلل إذا سعى بين الصفا والمروة ولا يثبت حراما لمكان هديه الذي ساق معه ، لأن هديه الذي ساقه معه لا يمنعه من الإحلال ولا يجزئه من هدي المتعة .

                                                                                                                                                                                      قلت لابن القاسم : أرأيت إن استحق رجل هذا الهدي الذي ساقه هذا المعتمر في عمرته في أشهر الحج لمتعة أيكون عليه البدل ؟ قال : نعم أرى أن يجعل ثمنه في هدي ، لأن مالكا سئل عن رجل أهدى بدنة تطوعا فأشعرها وقلدها وأهداها ، ثم علم بها عيبا بعد ذلك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : يرجع بقيمة العيب فيأخذه ، فقيل له : فما يصنع بقيمة العيب ؟

                                                                                                                                                                                      قال : يجعله في شاة فيهديها فهذا عندي مثله .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية