الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت لابن القاسم : أرأيت لو أن رجلا أفرد بالحج فطاف بالبيت ، الطواف الواجب عند مالك أول ما دخل مكة ، وسعى بين الصفا والمروة وهو على غير وضوء ثم خرج إلى عرفات فوقف المواقف ثم رجع إلى مكة يوم النحر فطاف طواف الإفاضة على وضوء ، ولم يسع بين الصفا والمروة حتى رجع إلى بلاده وقد أصاب النساء ولبس الثياب وأصاب الصيد والطيب ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : يرجع إن كان قد أصاب النساء فيطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة ، وعليه أن يعتمر ويهدي بعدما يسعى بين الصفا والمروة وليس عليه في لبس الثياب شيء ، لأنه لما رمى الجمرة وهو حاج حل له لبس الثياب قبل أن يطوف بالبيت فليس عليه في لبس الثياب شيء ، وهو إذا رجع إلى مكة رجع وعليه الثياب حتى يطوف ولا يشبه هذا المعتمر لأن المعتمر لا يحل له لبس الثياب حتى يفرغ من سعيه بين الصفا والمروة ، وقال فيما تطيب به هذا الحاج هو خفيف لأنه إنما تطيب بعدما رمى جمرة العقبة فلا دم عليه ، وأما ما أصاب من الصيد فعليه لكل صيد أصابه الجزاء ، قلت : وهذا قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم . قلت : أفيحلق إذا طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة حين رجع ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا ، لأنه قد حلق بمنى وهو يرجع حلالا إلا من النساء والطيب والصيد حتى يطوف ويسعى ، ثم عليه عمرة بعد سعيه ويهدي ، قلت : فهل يكون عليه لما أخر من الطواف بالبيت حين دخل مكة وهو غير مراهق دم أم لا في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا يكون عليه في قول مالك دم لما أخر من الطواف الذي طاف حين دخل مكة على غير وضوء ، وأرجو أن يكون خفيفا لأنه لم يتعمد ذلك وهو عندي بمنزلة المراهق ، قال وقد جعل مالك على هذا الحاج العمرة مع الهدي ، وجل الناس يقولون : لا عمرة عليه . فالعمرة مع الهدي تجزئه من ذلك كله وهو رأيي .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية