الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

الانتباه لما قال الحاكم ولم يخرجاه

محمد بن محمود بن إبراهيم عطية

صفحة جزء
4328 223 - 3/ 7 (4269) أخبرني أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إسحاق الأصبهاني، ثنا الحسن بن الجهم بن جبلة التيمي ، ثنا موسى بن المشاور، ثنا عبد الله بن معاذ الصنعاني، عن معمر بن راشد، عن الزهري ، قال: أخبرني عبد الرحمن بن مالك المدلجي، وهو ابن أخي سراقة بن جعشم، أن أباه، أخبره [ ص: 239 ] أنه، سمع سراقة بن جعشم يقول: جاءتنا رسل كفار قريش، يجعلون في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر دية، لكل واحد منهما لمن قتلهما أو أسرهما، فبينا أنا جالس في مجلس من مجالس قومي من بني مدلج، أقبل منهم رجل حتى قام علينا، فقال: يا سراقة ، إني رأيت آنفا أسودة بالساحل، أراها محمدا وأصحابه، قال سراقة : فعرفت أنهم هم، فقلت لهم: إنهم ليسوا بهم، ولكني رأيت فلانا وفلانا انطلقوا بغاة، قال: ثم ما لبثت في المجلس إلا ساعة حتى قمت فدخلت بيتي، فأمرت جاريتي أن تخرج إلي فرسي وهي من وراء أكمة فتحبسها علي، وأخذت رمحي فخرجت من ظهر البيت فخططت بزجه إلى الأرض، وحففت عالية الرمح حتى أتيت فرسي، فركبتها فرفعتها تقرب بي حتى رأيت أسودتهما، فلما دنوت منهم حيث أسمعهم الصوت عثرت بي فرسي، فخررت عنها، فقمت فأهويت بيدي إلى كنانتي، فاستخرجت الأزلام، فاستقسمت بها، فخرج الذي أكره أن لا أضرهم فعصيت الأزلام، فركبت فرسي فرفعتها تقرب بي حتى إذا دنوت منهم سمعت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم وهو لا يلتفت. وأبو بكر يكثر الالتفات، فساخت يدا فرسي في الأرض حتى بلغتا الركبتين، فخررت عنها، ثم زجرتها، فنهضت فلم تكد تخرج يديها، فلما استوت قائمة إذا لأثر يديها عنان ساطع في السماء، - قال عبد الله : يعني الدخان الذي يكون من غير نار - ثم أخرجت الأزلام، فاستقسمت بها، فخرج الذي أكره أن لا أضرهما، فناديتهما بالأمان فوقفا، فركبت فرسي حتى جئتهما فوقع في نفسي حين لقيت من الحبس عليهم أن سيظهر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت له: إن قومك قد جعلوا فيك الدية، وأخبرتهم من أخبار سفرهم، وما يريد الناس بهم، وعرضت عليهم الزاد والمتاع فلم يرزءوني شيئا، ولم يسألوني إلا أن قالوا: أخف عنا، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكتب لي كتاب موادعة آمن به، فأمر عامر بن فهيرة مولى أبي بكر . فكتب لي في رقعة من أدم ثم مضيا هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه..

كذا قال، ووافقه الذهبي ! [ ص: 240 ]

التالي السابق


[ ص: 240 ] قلت: بل أخرجه البخاري في سياق الحديث السابق (3906) كتاب (المناقب) باب (هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه إلى المدينة) قال: حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث ، عن عقيل قال ابن شهاب : فأخبرني عروة بن الزبير ، أن عائشة رضي الله عنها زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان الدين... الحديث; قال البخاري : قال ابن شهاب : وأخبرني عبد الرحمن بن مالك المدلجي، وهو ابن أخي سراقة بن مالك بن جعشم، أن أباه أخبره أنه سمع سراقة بن جعشم يقول: جاءنا رسل كفار قريش، يجعلون في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ، دية كل واحد منهما، من قتله أو أسره، فبينما أنا جالس في مجلس من مجالس قومي بني مدلج، أقبل رجل منهم، حتى قام علينا ونحن جلوس، فقال يا سراقة : إني قد رأيت آنفا أسودة بالساحل، أراها محمدا وأصحابه، قال سراقة : فعرفت أنهم هم، فقلت له: إنهم ليسوا بهم، ولكنك رأيت فلانا وفلانا، انطلقوا بأعيننا، ثم لبثت في المجلس ساعة، ثم قمت فدخلت فأمرت جاريتي أن تخرج بفرسي، وهي من وراء أكمة، فتحبسها علي، وأخذت رمحي، فخرجت به من ظهر البيت، فحططت بزجه الأرض، وخفضت عاليه، حتى أتيت فرسي فركبتها، فرفعتها تقرب بي، حتى دنوت منهم، فعثرت بي فرسي، فخررت عنها، فقمت فأهويت يدي إلى كنانتي، فاستخرجت منها الأزلام فاستقسمت بها: أضرهم أم لا، فخرج الذي أكره، فركبت فرسي، وعصيت الأزلام، تقرب بي حتى إذا سمعت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو لا يلتفت، وأبو بكر يكثر الالتفات، ساخت يدا فرسي في الأرض، حتى بلغتا الركبتين، فخررت عنها، ثم زجرتها فنهضت، فلم تكد تخرج يديها، فلما استوت قائمة، إذا لأثر يديها عثان ساطع في السماء مثل الدخان، فاستقسمت بالأزلام، فخرج الذي أكره، فناديتهم بالأمان فوقفوا، فركبت فرسي حتى جئتهم، ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم، أن سيظهر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلت له: إن قومك قد جعلوا فيك الدية، وأخبرتهم أخبار ما يريد الناس بهم، وعرضت عليهم الزاد والمتاع، فلم يرزآني [ ص: 241 ] ولم يسألاني، إلا أن قال: أخف عنا.. فسألته أن يكتب لي كتاب أمن، فأمر عامر بن فهيرة فكتب في رقعة من أديم، ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ... وذكر بقية الحديث.




الخدمات العلمية