الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                صفحة جزء
                                الحديث الثاني:

                                752 785 - حدثنا عبد الله بن يوسف، أنا مالك ، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أنه كان يصلي بهم، فيكبر كلما خفض ورفع، فإذا انصرف قال: إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم.

                                التالي السابق


                                وقد رواه عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، أن أبا هريرة كان يكبر في الصلاة كلما رفع ووضع، فقلنا: يا أبا هريرة ، فما هذا التكبير؟ قال: إنها لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

                                خرجه مسلم .

                                وقد روي هذا الحديث عن أبي هريرة من وجوه متعددة، وسيأتي بعضها فيما بعد - إن شاء الله.

                                وقد استدل به بعضهم على أن التكبير لغير الإحرام غير واجب في الصلاة، لأن هذا كان يستنكره الناس على أبي هريرة ، كما استنكره عكرمة على من صلى خلفه بمكة ، وكما دل حديث عمران بن حصين وأبي موسى على ترك الناس له.

                                وخرجه النسائي وابن حبان في " صحيحه "، من حديث سعيد بن [ ص: 38 ] سمعان ، قال: دخل علينا أبو هريرة المسجد، فقال: ثلاث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل بهن، تركهن الناس: كان إذا قام إلى الصلاة رفع يده مدا، وكان يقف قبل القراءة هنيهة يسأل الله من فضله، وكان يكبر في الصلاة كلما ركع وسجد.

                                ولو كان ذلك من واجبات الصلاة لما أقرت الصحابة على تركه.

                                وقد أجاب بعضهم بأنهم إنما تركوا الجهر به فقط، وقد سبق عن الإمام أحمد أن نقص التكبير الذي أحدثوه إنما هو ترك التكبير للسجدة الأولى والثانية، وأن إسحاق قال: إنما تركوا التكبير للسجدة الثانية فقط.

                                فلعل بني أمية كانوا يرون أن المأمومين يشاهدون الإمام في سجوده فلا يحتاج إلى إسماعهم التكبير في هذه الحال، بخلاف رفعه، فإنهم لا يشاهدونه، فيحتاج إلى إسماعهم التكبير فيه.

                                وفي هذا نظر. والله أعلم.

                                وقد سبق ما يدل على أنهم تركوا تكبيرتي الركوع والسجود خاصة، وأن عليا -رضي الله عنه- أحيا ما تركوه من ذلك وأماتوه.

                                وروى مسعر ، عن يزيد الفقير ، قال: كان ابن عمر ينقص التكبير في الصلاة. قال مسعر : إذا انحط بعد الركوع للسجود لم يكبر، فإذا أراد أن يسجد الثانية لم يكبر.

                                خرجه ابن أبي شيبة .

                                فتفسير مسعر لنقص التكبير يدل على أن نقصه هو ترك التكبير للسجدتين معا، كما فسره الإمام أحمد .

                                [ ص: 39 ] وهذه الرواية عن ابن عمر تخالف رواية مالك ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه، أنه كان يكبر كلما خفض ورفع.

                                كذا رواه مالك في " الموطأ ".

                                ورواه أشهب ، عن مالك ، فزاد فيه: يخفض بذلك صوته.

                                وهذه الرواية يجمع بها بين الروايتين بأن يكون سالم سمع أباه يكبر ويخفض صوته، ويزيد الفقير لم يسمعه لخفض صوته، أو لبعده عنه.

                                وروى - أيضا - عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أنه كان يتم التكبير.

                                ونافع وسالم أعرف بابن عمر من غيرهما.



                                الخدمات العلمية