الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                صفحة جزء
                                فيه ثلاثة أحاديث:

                                الأول:

                                875 917 - نا قتيبة، نا يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله القاري الإسكندراني، نا أبو حازم بن دينار، أن رجالا أتوا سهل بن سعد الساعدي، وقد امتروا في المنبر: مم عوده؟ فسألوه عن ذلك، فقال: إني والله لأعرف مما هو، ولقد رأيته أول يوم وضع، وأول يوم جلس عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أرسل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى فلانة - امرأة قد سماها سهل -: " مري غلامك النجار أن يعمل لي أعوادا أجلس عليهن إذا كلمت الناس "، فأمرته، فعملها من طرفاء الغابة، ثم جاء بها، فأرسلت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأمر بها فوضعت هاهنا، ثم رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلى عليها، وكبر وهو عليها، ثم ركع وهو عليها، ثم نزل القهقرى فسجد في أصل المنبر ثم عاد، فلما فرغ أقبل على الناس، فقال: " يا -أيها الناس-، إنما صنعت هذا لتأتموا بي، ولتعلموا صلاتي ".

                                [ ص: 464 ]

                                التالي السابق


                                [ ص: 464 ] قد خرجه فيما تقدم من حديث ابن عيينة عن أبي حازم ، وهذا السياق أتم.

                                وفي رواية ابن عيينة : " من أثل الغابة "، و: " الأثل " و: " الطرفاء ": يشبه بعضه بعضا. و: " الغابة ": خارج المدينة مشهورة.

                                وخرجه البخاري - أيضا - مختصرا في " أبواب المساجد "، في " باب: الاستعانة بالصناع والنجار في عمل المسجد والمنبر " من حديث عبد العزيز بن أبي حازم ، وذكرنا الاختلاف في رسم الذي عمل المنبر.

                                وخرجه مسلم من حديث عبد العزيز بتمامه، وفي حديثه: أن المنبر كان ثلاث درجات.

                                وقد روي هذا الحديث عن سهل من وجه آخر، وفيه: حنين الخشبة.

                                خرجه ابن سعد في " طبقاته "، ثنا أبو بكر بن أبي أويس ، حدثني سليمان بن بلال ، عن سعد بن سعيد بن قيس ، عن عباس بن سهل بن سعد ، عن أبيه، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقوم يوم الجمعة إذا خطب إلى خشبة ذات فرضتين - قال: أراه كانت من دومة كانت في مصلاه - فكان يتكئ عليها، فقال له أصحابه: يا رسول الله، إن الناس قد كثروا، فلو اتخذت شيئا تقوم عليه إذا خطبت نراك؟ فقال: " ما شئتم ".

                                قال سهل : ولم يكن بالمدينة إلا نجار واحد، فذهبت أنا وذلك النجار إلى الخانقين، فقطعنا هذا المنبر من أثله. قال: فقام عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- فحنت الخشبة، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: " ألا تعجبون لحنين هذه الخشبة؟ " فأقبل الناس [ ص: 465 ] وفرقوا من حنينها حتى كثر بكاؤهم، فنزل النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى أتاها، فوضع يده عليها، فسكنت، فأمر بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فدفنت تحت منبره - أو جعلت في السقف
                                .

                                ورواه أبو إسماعيل الترمذي ، عن أيوب بن سليمان بن بلال ، عن أبي بكر بن أبي أويس ، به.

                                وهذا إسناد جيد، ورجاله كلهم يخرج لهم البخاري ، إلا سعد بن سعيد بن قيس - وهو: أخو يحيى بن سعيد -؛ فإن البخاري استشهد به، وخرج له مسلم ، وتكلم بعضهم في حفظه.



                                الخدمات العلمية