الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                صفحة جزء
                                [ ص: 92 ] 7 - باب

                                المشي والركوب إلى العيد بغير أذان ولا إقامة

                                914 957 - حدثنا إبراهيم بن المنذر: نا أنس، عن عبيد الله، عن نافع، عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- كان يصلي في الأضحى والفطر، ثم يخطب بعد الصلاة

                                . 915 958 - حدثنا إبراهيم بن موسى: أنا هشام، أن ابن جريج أخبرهم، قال: أخبرني عطاء، عن جابر بن عبد الله، قال: سمعته يقول: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج يوم الفطر، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة .

                                916 959 - قال: وأخبرني عطاء، أن ابن عباس أرسل إلى ابن الزبير في أول ما بويع له: إنه لم يكن يؤذن بالصلاة يوم الفطر، وإنما الخطبة بعد الصلاة .

                                917 960 - وأخبرني عطاء، عن ابن عباس، وعن جابر بن عبد الله، قالا: لم يكن يؤذن يوم الفطر، ولا يوم الأضحى .

                                918 961 - وعن جابر بن عبد الله، قال: سمعته يقول: إن النبي - صلى الله عليه وسلم- قام فبدأ بالصلاة ثم خطب الناس بعد، فلما فرغ نبي الله نزل، فأتى النساء فذكرهن، وهو يتوكأ على يد بلال، وبلال باسط ثوبه، يلقي فيه النساء صدقة .

                                قلت لعطاء: أترى حقا على الإمام الآن أن يأتي النساء فيذكرهن حين يفرغ؟ قال: إن ذلك لحق عليهم، وما لهم أن لا يفعلوا؟

                                [ ص: 93 ]

                                التالي السابق


                                [ ص: 93 ] ...

                                ولا إقامة

                                وخرج - أيضا- من طريق عبد الملك بن أبي سليمان ، عن عطاء ، عن جابر ، قال: شهدت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يوم العيد، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة.

                                وخرج أبو داود من طريق الحسن بن مسلم ، عن طاوس ، عن ابن عباس ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم- صلى العيد بلا أذان ولا إقامة وأبا بكر وعمر - أو عثمان .

                                وخرجه ابن ماجه مختصرا.

                                وخرج أبو داود من حديث سفيان ، عن عبد الرحمن بن عباس ، قال: سأل رجل ابن عباس : أشهدت العيد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، ولولا منزلتي منه ما شهدته من الصغر، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- العلم الذي عند دار كثير بن الصلت ، فصلى ثم خطب، ولم يذكر أذانا ولا إقامة - وذكر الحديث.

                                وفي الباب: عن ابن عمر .

                                خرجه الإمام أحمد والنسائي .

                                [ ص: 94 ] وفي إسناده مقال.

                                خرجه الإمام أحمد من رواية الزهري ، عن سالم ، عن أبيه - وذكر النبي - صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر وعمر .

                                وهو من رواية عبد الرزاق بن عمر والنعمان بن راشد ، عن الزهري .

                                وقال أبو حاتم : هو حديث منكر.

                                وخرجه النسائي ، من رواية الفضل بن عطية ، عن سالم ، عن أبيه - ولم يذكر أبا بكر وعمر .

                                والفضل بن عطية ، مختلف فيه.

                                وروي عنه عن عطاء عن جابر .

                                وخرج مسلم من حديث سماك ، عن جابر بن سمرة ، قال: صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم- العيد غير مرة بغير أذان ولا إقامة.

                                ولا خلاف بين أهل العلم في هذا، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر وعمر كانوا يصلون العيد بغير أذان ولا إقامة.

                                قال مالك : تلك السنة التي لا اختلاف فيها عندنا.

                                واتفق العلماء على أن الأذان والإقامة للعيدين بدعة ومحدث.

                                وممن قال: إنه بدعة: عبد الرحمن بن أبزى والشعبي والحكم .

                                وقال ابن سيرين : وهو محدث.

                                [ ص: 95 ] وقال سعيد بن المسيب والزهري : أول من أحدث الأذان في العيدين معاوية .

                                وقال ابن سيرين : أول من أحدثه آل مروان .

                                وعن الشعبي ، قال: أول من أحدثه بالكوفة ابن دراج ، وكان المغيرة بن شعبة استخلفه.

                                وقال حصين : أول من أذن في العيدين زياد .

                                وروى ابن أبي شيبة : نا يحيى بن سعيد ، عن ابن جريج ، عن عطاء بن يسار ، أن ابن الزبير سأل ابن عباس - وكان الذي بينهما حسنا يومئذ - فقال: لا تؤذن ولا تقم، فلما ساء الذي بينهما أذن وأقام.

                                وقال الشافعي : قال الزهري : وكان النبي - صلى الله عليه وسلم- يأمر في العيدين المؤذن فيقول: الصلاة جامعة .

                                واستحب ذلك الشافعي وأصحابنا.

                                واستدلوا بمرسل الزهري ، وهو ضعيف، وبالقياس على صلاة الكسوف; فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - صح عنه أنه أرسل مناديا ينادي: الصلاة جامعة.

                                وقد يفرق بين الكسوف والعيد، بأن الكسوف لم يكن الناس مجتمعين له، بل كانوا متفرقين في بيوتهم وأسواقهم، فنودوا لذلك، وأما العيد، فالناس كلهم مجتمعون له قبل خروج الإمام.

                                وقول جابر : " ولا إقامة ولا نداء ولا شيء" يدخل فيه نفي النداء بـ " الصلاة جامعة".

                                وقد يقال: إن " الصلاة جامعة " هي بدل إقامة الصلاة للمكتوبات عند خروج الإمام حتى يعلم الناس حضور الصلاة; فيتهيئون لها بالقيام، وليس كلهم يشاهد الإمام ودخوله وصلاته، فاحتيج إلى ما يعلم به ذلك.

                                [ ص: 96 ] والإقامة مكروهة لهذه الصلاة، فتعين إبدالها بـ " الصلاة جامعة ".

                                وفي كراهة: " حي على الصلاة " بدل " الصلاة جامعة " وجهان للشافعية.

                                والمنصوص عن الشافعي : أنه خلاف الأولى.

                                وفي الحديث: أن الإمام إذا رأى أنه لم يسمع الموعظة النساء ، فإنه يأتيهن بعد فراغه من موعظة الرجال، فيعظهن ويذكرهن.

                                وقد قال عطاء : إن ذلك حق عليه.

                                ولعله أراد أنه مندوب إليه، متأكد الندب.

                                قال طائفة من أصحاب الشافعي : إذا علم الإمام أن قوما فاتهم سماع الخطبة استحب أن يعيد لهم الخطبة، سواء كانوا رجالا أو نساء، واستدلوا بهذا الحديث.



                                الخدمات العلمية