الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                صفحة جزء
                                الحديث الثالث:

                                1179 1236 - نا إسماعيل، حدثني مالك، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، أنها قالت: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في بيته - وهو شاك- جالسا، وصلى وراءه قوم قيام، فأشار إليهم أن اجلسوا، فلما انصرف قال: " إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا".

                                التالي السابق


                                وقد سبق هذا الحديث في " أبواب الإمامة" أيضا.

                                وسبق هناك من حديث مالك ، عن الزهري ، عن أنس ، معناه، غير أنه لم يذكر فيه: " أشار إليهم أن اجلسوا".

                                وقد رواه معمر ، عن الزهري ، وذكر فيه هذه الزيادة.

                                خرجه الإمام أحمد .

                                [ ص: 529 ] وخرجه أيضا هو وأبو داود ، بهذا الإسناد: أن النبي - صلى الله عليه وسلم- كان يشير في الصلاة.

                                وقد قيل: إنه مختصر من هذا الحديث.

                                وفي الإشارة في الصلاة أحاديث أخر، سبق بعضها في " باب: رد السلام في الصلاة"، وبعضها في " أبواب المرور بين يدي المصلي".

                                وأكثر العلماء على أن الإشارة في الصلاة لا بأس بها، روي ذلك عن عائشة ، وفعله ابن عمر وسعيد بن جبير وغيرهما.

                                وقال الحسن : لا بأس بالإيماء في الصلاة.

                                وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق وغيرهما.

                                لكن فعله من غير حاجة من باب العبث، وهو مكروه في الصلاة.

                                وسئل النخعي عن الإشارة في الصلاة، فقال: إن في الصلاة لشغلا.

                                وكذا قال الثوري .

                                وكرهه عطاء خصوصا في المكتوبة، وقد تقدم قوله في ذلك.

                                وكره قوم الإشارة في الصلاة، بما ليس من شأن الصلاة، ومنهم: أبو زرعة الرازي وأبو بكر الأثرم .

                                وقد روي عن عائشة أنها كانت تشير في الصلاة بما ليس من شأن الصلاة.

                                وعن أوس بن أوس وغيره.

                                وروى ابن لهيعة ، عن حيي بن عبد الله ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن عائشة ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- كان يصلي، فأشارت إليه بثوبه، [ ص: 530 ] فأشار إليها صلى الله عليه وسلم أن اغسليه .

                                خرجه الجوزجاني .

                                وهو إسناد ضعيف.

                                وإن صح، فإنما فيه إباحة الإشارة في الصلاة بما فيه مصلحة دينية، وليس دنيويا محضا.

                                وروى ابن إسحاق ، عن يعقوب بن عتبة بن الأخنس ، عن أبي غطفان ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: " التسبيح للرجال والتصفيق للنساء، من أشار في الصلاة إشارة تفهم عنه فليعد لها" يعني: الصلاة . خرجه الإمام أحمد وأبو داود ، وخرجه البزار ولفظه: " فليعد صلاة أفسدت "، وقال أبو داود : هذا الحديث وهم، وقال أحمد - في رواية ابن هانئ -: لا يثبت هذا الحديث، إسناده ليس بشيء.

                                وقال - في رواية غيره -: لا أعلم رواه غير ابن إسحاق .

                                وقال أبو زرعة الرازي : هو عندي ليس بذاك الصحيح، ولم يروه غير ابن إسحاق .

                                [ ص: 531 ] وقال الأثرم : ليس بقوي الإسناد.

                                وقال الدارقطني : قال لنا ابن أبي داود : أبو غطفان هذا رجل مجهول، وآخر الحديث زيادة في الحديث، لعله من قول ابن إسحاق .

                                يعني: أن آخره مدرج، ليس هو من تمام الحديث المرفوع.

                                وهذا هو الظاهر.

                                وهذا يدل على أن أبا غطفان هذا ليس هو المري الذي خرج له مسلم ، بل هو غيره.

                                وابن إسحاق مدلس، ولم يصرح بسماعه من يعقوب بن عتبة ، فلعله دلسه عن ضعيف.



                                الخدمات العلمية