الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                صفحة جزء
                                [ ص: 521 ] 25 - باب

                                الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض

                                320 326 - حدثنا قتيبة : ثنا إسماعيل ، عن أيوب ، عن محمد ، عن أم عطية : كنا لا نعد الكدرة والصفرة شيئا .

                                التالي السابق


                                كذا رواه ابن علية ومعمر ، عن أيوب .

                                ورواه وهيب ، [عن أيوب ] ، عن حفصة بنت سيرين ، عن أم عطية .

                                وزعم محمد بن يحيى الذهلي أن قول وهيب أصح ، وفيه نظر .

                                وقد خرج أبو داود من طريق حماد بن سلمة ، عن قتادة ، عن أم الهذيل - وهي حفصة بنت سيرين - عن أم عطية وكانت بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئا .

                                ثم قال : ثنا مسدد ، ثنا إسماعيل ، أبنا أيوب ، عن محمد بن سيرين ، عن أم عطية - مثله .

                                وظاهر هذا السياق يدل على أن رواية أيوب عن محمد مثل رواية قتادة عن أم الهذيل ، وأن فيها هذه اللفظة ( بعد الطهر ) .

                                مع أن شعبة كان يقول : ( مثله ) ليس بحديث ، يشير إلى أنه قد يقع [ ص: 522 ] التساهل في لفظه .

                                وخالفه سفيان ، فقال : هو حديث .

                                وخرج الدارقطني من رواية هشام بن حسان ، عن حفصة ، عن أم عطية ، قالت : كنا لا نرى الترية بعد الطهر شيئا - وهي الصفرة والكدرة .

                                وروى وكيع ، عن أبي بكر الهذلي ، عن معاذة ، عن عائشة ، قالت : ما كنا نعد الكدرة والصفرة شيئا .

                                وأبو بكر الهذلي ضعيف .

                                وخرج الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه من رواية أبي سلمة أن أم بكر أخبرته عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في المرأة ترى ما يريبها بعد الطهر : ( إنما هو عرق ، أو عروق ) .

                                وأم بكر - ويقال : أم أبي بكر - لم يرو عنها غير هذا الحديث ، وليست بمشهورة .

                                وقد بوب البخاري على حديث أم عطية ( الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض ) ، ولم يخرج الحديث بزيادة ( بعد الطهر ) كما خرجه أبو داود .

                                ولم يتفرد به حماد بن سلمة ، عن قتادة ، بل قد رواه حرب في ( مسائله ) ، عن الإمام أحمد ، عن غندر ، عن شعبة ، عن قتادة - بمثله .

                                وقد روي حديث أم عطية بلفظ آخر ، وهو ( كنا لا نعتد بالكدرة والصفرة بعد الغسل شيئا ) .

                                [ ص: 523 ] خرجه الدارمي في ( مسنده ) .

                                وقد سبق ذكر الصفرة والكدرة في ( باب إقبال المحيض وإدباره ) ، وأن الصفرة والكدرة لهما ثلاثة أحوال :

                                حال تكون في مدة عادة المعتادة ، فتكون حيضا عند جمهور العلماء ، سواء سبقها دم أم لا .

                                وحال تكون بعد انقضاء العادة ، فإن اتصلت بالعادة ولم يفصل بينهما طهر ، وكانت في مدة أيام الحيض أعني الأيام التي يحكم بأنها حيض ، وهي الخمسة عشر أو السبعة عشر أو العشرة عند قوم - فهل تكون حيضا بمجرد اتصالها بالعادة ؟ أم لا تكون حيضا حتى تتكرر ثلاثا أو مرتين ؟ أم لا تكون حيضا وإن تكررت ؟ فيه ثلاثة أقوال للعلماء :

                                الأول ظاهر مذهب مالك والشافعي . والثاني رواية عن أحمد . والثالث قول أبي حنيفة والثوري ، وأحمد في رواية .

                                وإن انقطع الدم عند تمام العادة ، ثم رأت بعده صفرة أو كدرة في مدة الحيض - فالصحيح عند أصحابنا أنه لا يكون حيضا ، وإن تكرر .

                                وقد قال أكثر السلف : إنها إذا رأت صفرة أو كدرة بعد الغسل أو بعد الطهر ، فإنها تصلي ، وممن روي ذلك عنه عائشة وسعيد بن المسيب وعطاء والحسن وإبراهيم النخعي ومحمد ابن الحنفية وغيرهم .

                                وحديث أم عطية يدل على ذلك .

                                وحال ترى الصفرة والكدرة بعد أكثر الحيض ، فهذا لا إشكال في أنه ليس بحيض .



                                الخدمات العلمية