الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                صفحة جزء
                                الحديث الثاني:

                                391 400 - حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا هشام: ثنا يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن عبد الرحمن، عن جابر، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على راحلته حيث توجهت به، فإذا أراد الفريضة نزل فاستقبل القبلة.

                                التالي السابق


                                محمد بن عبد الرحمن، هو: ابن ثوبان.

                                والمراد من هذا الحديث هاهنا: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يصلي المكتوبة إلا على الأرض مستقبل القبلة، فأما صلاة الفريضة على الأرض فواجب لا يسقط إلا في صلاة شدة الخوف، كما قال تعالى: فإن خفتم فرجالا أو ركبانا

                                وهل يسقط في الطين أو في المرض؟ فيه قولان مشهوران للعلماء هما روايتان عن أحمد .

                                وفي ذلك أحاديث وآثار يطول ذكرها ربما تذكر في موضع آخر - إن شاء الله تعالى.

                                ولو صلى قائما في محمل على ظهر دابة ، فهل تصح صلاته؟ حكى أصحابنا في ذلك روايتين عن أحمد ، وللشافعية وجهان، ومنهم من فرق بين أن تكون الدابة واقفة فتصح، وسائرة فلا تصح.

                                [ ص: 313 ] وحكى بعض أصحابنا الخلاف - أيضا - في الصلاة في السفينة لمن قدر على الخروج منها إلى الأرض، ولم يشق على أصحابه.

                                ولأصحابنا وجهان في صحة الصلاة على العجلة - أيضا.

                                ومن الشافعية من حكى الإجماع على صحة الصلاة في السفينة قائما، ولكن حكى في الصلاة في الزورق الجاري وجهين، ففرق بين السفينة والزورق، وهو الصغير من السفن.

                                ولا فرق في الصلاة بين النساء والرجال.

                                وخرج أبو داود من رواية النعمان بن المنذر ، عن عطاء بن أبي رباح ، قال: سألت عائشة : هل رخص للنساء أن يصلين على الدواب؟ قالت: لم يرخص لهن في شدة ولا رخاء.

                                وأما ما خرجه بقي بن مخلد في " مسنده ": ثنا أبو كريب : ثنا يونس : ثنا عنبسة بن الأزهر ، عن أبي خراش ، عن عائشة ، قالت: كنا إذا سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نؤمر إذا جاء وقت الصلاة أن نصلي على رواحلنا .

                                فهو حديث لا يثبت، وعنبسة بن الأزهر قال أبو حاتم الرازي : يكتب حديثه ولا يحتج به. وأبو خراش : لا يعرف. ويونس، هو: ابن بكير ، مختلف في أمره.

                                وأما استقبال القبلة في صلاة الفريضة، ففرض مع القدرة لا يسقط إلا في حال شدة الخوف - أيضا - ويأتي في موضعه - إن شاء الله تعالى. وكذلك يسقط في حق من كان مربوطا إلى غير القبلة، أو مريضا ليس عنده من يديره إلى القبلة فيصلي بحسب حاله.

                                [ ص: 314 ] وفي إعادته خلاف. والصحيح عند أصحاب الشافعي : أن عليهم الإعادة، والصحيح عند أصحابنا: أنه لا إعادة عليهم، وعند المالكية: يعيد في الوقت إذا قدر، ولا يعيد بعده.

                                وأما حكم الصلاة النافلة على الراحلة، فيأتي في موضعه - إن شاء الله تعالى.




                                الخدمات العلمية