الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                صفحة جزء
                                الحديث الأول:

                                قال:

                                417 427 ثنا محمد بن المثنى: ثنا يحيى، عن هشام: أخبرني أبي، عن عائشة، أن أم حبيبة وأم سلمة ذكرتا كنيسة رأينها بالحبشة فيها تصاوير، فذكرتا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدا، وصوروا فيه تلك الصور، وأولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة

                                التالي السابق


                                هذا الحديث يدل على تحريم بناء المساجد على قبور الصالحين ، وتصوير صورهم فيها كما يفعله النصارى ، ولا ريب أن كل واحد منهما محرم على انفراد، فتصوير صور الآدميين محرم، وبناء القبور على المساجد بانفراده محرم، كما دلت عليه نصوص أخر يأتي ذكر بعضها.

                                وقد خرج البخاري في " تفسير سورة نوح " من " كتابه " هذا من حديث ابن جريج ، فقال: عطاء ، عن ابن عباس : صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب تعبد، أما ود كانت لكلب بدومة الجندل ، وأما سواع كانت لهذيل ، وأما يغوث فكانت لمراد ، ثم لبني غطيف بالجرف عند سبأ ، وأما يعوق فكانت [ ص: 405 ] لهمدان ، وأما نسر فكانت لحمير لآل ذي الكلاع -: أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابا، وسموها بأسمائهم، ففعلوا، فلم تعبد، حتى إذا هلك أولئك ونسخ العلم عبدت .

                                وقد ذكر الإسماعيلي : أن عطاء هذا هو الخراساني ، والخراساني لم يسمع من ابن عباس . والله أعلم.

                                فإن اجتمع بناء المسجد على القبور ونحوها من آثار الصالحين مع تصوير صورهم فلا شك في تحريمه، سواء كانت صورا مجسدة كالأصنام أو على حائط ونحوه، كما يفعله النصارى في كنائسهم.

                                والتصاوير التي في الكنيسة التي ذكرتها أم حبيبة وأم سلمة أنهما رأتاها بالحبشة كانت على الحيطان ونحوها، ولم يكن لها ظل، وكانت أم سلمة وأم حبيبة قد هاجرتا إلى الحبشة .

                                فتصوير الصور على مثل صور الأنبياء والصالحين للتبرك بها والاستشفاع بها محرم في دين الإسلام، وهو من جنس عبادة الأوثان، وهو الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن أهله شرار الخلق عند الله يوم القيامة.

                                وتصوير الصور للتآنس برؤيتها أو للتنزه بذلك والتلهي محرم ، وهو من الكبائر وفاعله من أشد الناس عذابا يوم القيامة، فإنه ظالم ممثل بأفعال الله التي لا يقدر على فعلها غيره، والله تعالى ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله سبحانه وتعالى.



                                الخدمات العلمية