الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                صفحة جزء
                                قال البخاري - رحمه الله -:

                                456 468 ثنا أبو النعمان وقتيبة بن سعيد، قالا: ثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم مكة، فدعا عثمان بن طلحة ففتح الباب، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم وبلال وأسامة بن زيد وعثمان بن طلحة، ثم أغلق الباب، فلبث فيه ساعة، ثم خرجوا. قال ابن عمر: فبدرت فسألت بلالا، فقال: صلى فيه، فقلت: في أي؟ قال: بين الأسطوانتين. قال ابن عمر: فذهب علي أن أسأله: كم صلى؟

                                التالي السابق


                                هذا الحديث يدل على أن الكعبة كان لها باب يغلق عليها ويفتح ، ولم يزل ذلك في الجاهلية والإسلام، وقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم أمرها على ما كانت عليه، ودفع مفتاح الكعبة إلى عثمان بن طلحة ، وأقره بيده على ما كان.

                                [ ص: 559 ] وفي "المسند" أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عائشة أن تطلب من شيبة أن يفتح لها الكعبة ليلا، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: والله ما فتحته بليل في جاهلية ولا في إسلام، فقال: " فانظر ما كنت تصنع فافعله، ولا تفتحه " وأمر عائشة أن تصلي في الحجر.

                                وقد روي عن ابن جريج وغيره، أن أول من جعل للكعبة بابا يغلق وكساها كسوة كاملة تبع .

                                وذكر ابن إسحاق أن ذلك بلغه عن غير واحد من أهل العلم -: ذكره الأزرقي في "أخبار مكة ".

                                ولكن الكعبة لا تقاس بها سائر المساجد في صيانتها واحترامها ; فإن سائر المساجد إنما تراد ليعبد الله فيها، فإغلاقها لغير حاجة يمنع من المقصود منها، وأما الكعبة فالعبادة حولها لا فيها ; فإن أخص العبادات منها الطواف، وإنما يطاف حولها ثم الصلاة، وإنما يصلى إليها.

                                وقد اختلف العلماء في الصلاة فيها كما سبق ذكره، وكذلك الاعتكاف، فإغلاقها لا يمنع حصول المقصود منها من عبادة الله حولها.

                                وأما غلق المسجد الحرام المبني حولها، فحكمه حكم غلق سائر المساجد أو أشد; لما فيه من منع الطواف الذي لا يتمكن منه في غير ذلك المسجد، بخلاف غلق سائر المساجد; فإنه لا يتعذر بإغلاقها الصلاة; فإن الأرض كلها مسجد. والله أعلم.



                                الخدمات العلمية