الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                صفحة جزء
                                الحديث الثاني:

                                قال البخاري:

                                459 471 - حدثنا أحمد: ثنا ابن وهب: أخبرني يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، قال: حدثني عبد الله بن كعب بن مالك، أن كعب بن مالك أخبره أنه تقاضى ابن أبي حدرد دينا كان له عليه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فارتفعت أصواتهما حتى سمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيته، فخرج إليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كشف سجف حجرته، ونادى كعب بن مالك، فقال: " يا كعب" قال: لبيك يا رسول الله، فأشار بيده أن "ضع الشطر من دينك" قال كعب: قد فعلت يا رسول الله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قم فاقضه"

                                التالي السابق


                                البخاري يروي في "كتابه" هذا عن أحمد - غير منسوب - عن ابن وهب ، وقد اختلف فيه:

                                فقيل: هو: ابن عبد الرحمن بن وهب ابن أخي ابن وهب -: قاله أبو أحمد الحاكم وغيره.

                                وأنكر آخرون أن يكون يروي عن ابن أخي ابن وهب هذا شيئا في كتابه; فإنه قد كثر الطعن عليه.

                                قالوا: ويحتمل أنه أحمد بن صالح المصري الحافظ ، أو أحمد بن عيسى التستري ; فإنه روى عنهما صريحا في مواضع. والله أعلم.

                                [ ص: 570 ] ويستدل بهذا الحديث من يجيز رفع الأصوات بالخصومات في المساجد عند الحكام وغيرهم; فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر ذلك عليهما، إنما أصلح بينهما، وأمر صاحب الحق بأن يضع شيئا منه، ثم أمر المدين بالقضاء لما بقي عليه، وهذا إصلاح.

                                ومن كره ذلك أجاب بأن ما وقع من النبي صلى الله عليه وسلم هو قطع لما وقع بينهما من التشاجر، ورفع الأصوات في المسجد، فهو في معنى الإنكار; لأن المقصود من الإنكار إزالة ما ينكر، وقد حصل بذلك، لا سيما والنبي صلى الله عليه وسلم إنما خرج من بيته لسماع أصواتهما المرتفعة، فدل على أنه قصد إزالة ذلك، ومنعهما منه، فأزال ذلك وأزال المشاجرة بينهما، وأصلح ذات بينهما، وأمر كل واحد منهما بالإحسان إلى صاحبه برفق ورأفة من غير عنف.

                                ولعل هذين كانا غير عالمين بكراهة رفع الصوت في المسجد، فلهذا أزال ما وقع منهما من المكروه برفق ورأفة صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا.



                                الخدمات العلمية