الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                صفحة جزء
                                [ ص: 98 ] خرج في هذا الباب ثلاثة أحاديث :

                                الحديث الأول :

                                قال :

                                637 668 - حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب ، ثنا حماد بن زيد ، ثنا عبد الحميد - صاحب الزيادي - قال : سمعت عبد الله بن الحارث ، قال : خطبنا ابن عباس في يوم ذي ردغ ، فأمر المؤذن لما بلغ ( حي على الصلاة ) ، قال : قل : ( الصلاة في الرحال ) . فنظر بعضهم إلى بعض ، كأنهم أنكروا ، فقال : كأنكم أنكرتم هذا ، إن هذا فعله من هو خير مني - يعني : رسول الله صلى الله عليه وسلم - ، إنها عزمة ، وإني كرهت أن أحرجكم .

                                وعن حماد ، عن عاصم ، عن عبد الله بن الحارث ، عن ابن عباس ، نحوه ، غير أنه قال : كرهت أن أؤثمكم فتجيئون تدوسون الطين إلى ركبكم .

                                التالي السابق


                                قد سبق هذا الحديث في ( باب : الكلام في الأذان ) ، وفسرنا هنالك معنى ( الروغ ) .

                                وقوله : ( إنها عزمة ) ، يعني : الجمعة ، والمراد : أنه إذا دعا الناس إليها بقول المؤذن : ( حي على الصلاة ) ، فقد عزم على الناس كلهم أن يأتوه ، فليزمهم ذلك ؛ فلذلك أبدله بقوله : ( صلوا في رحالكم ) .

                                وقوله : ( كرهت أن أحرجكم ) : أي أشدد عليكم ، وأضيق بإخراجكم إلى المساجد في الطين ، والحرج : الشدة والضيق .

                                وفي الرواية الأخرى : ( كرهت أن أؤثمكم ) ، كأنه يريد إذا دعاهم إلى هذه الصلاة في هذا اليوم خشي عليهم الإثم إذا تخلفوا عن الصلاة مع دعائهم إليها ، فإذا خرجوا حرجوا بخوضهم في الطين إلى ركبهم ، وإن قعدوا أثموا .

                                وظاهر هذا يدل على أن ابن عباس يرى أن الإمام إذا دعا الناس إلى [ ص: 99 ] الجمعة في الطين والمطر لزمتهم الإجابة ، وإنما يباح لأحدهم التخلف إذا نادى : ( الصلاة في الرحال ) . والله أعلم .

                                وقد نص على ذلك الإمام أحمد ، فيما رواه البيهقي في ( مناقب أحمد ) بإسناده ، عن محمد بن رافع ، قال : سمعت أحمد بن حنبل يقول : إن قال المؤذن في أذانه : ( الصلاة في الرحال ) فلك أن تتخلف ، وإن لم يقل فقد وجب عليك ، إذا قال : ( حي على الصلاة ، حي على الفلاح ) .



                                الخدمات العلمية