الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2296 3 - حدثنا إسماعيل بن عبد الله ، قال : حدثنا سليمان ، عن يحيى ، عن يزيد مولى المنبعث أنه سمع زيد بن خالد رضي الله عنه يقول : سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن اللقطة فزعم أنه قال : اعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة ، يقول يزيد : إن لم تعترف استنفق بها صاحبها ، وكانت وديعة عنده . قال يحيى : فهذا الذي لا أدري أفي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أم شيء من عنده ثم قال : كيف ترى في ضالة الغنم ؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم : خذها; فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب . قال يزيد : وهي تعرف أيضا ، ثم قال : كيف ترى في ضالة الإبل ؟ قال : فقال : دعها فإن معها حذاءها وسقاءها ، ترد الماء وتأكل الشجر حتى يجدها ربها .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله : " كيف ترى في ضالة الغنم " وهذا الحديث مضى في الباب السابق ، فإنه أخرجه هناك عن عمرو بن عباس ، عن عبد الرحمن بن مهدي ، عن سفيان الثوري ، عن ربيعة ، عن يزيد إلى آخره ، وهنا أخرجه عن إسماعيل بن عبد الله ، هو ابن أبي أويس ، عن سليمان بن بلال ، عن يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن يزيد إلى آخره .

                                                                                                                                                                                  قوله : " فزعم " أي قال ، فالزعم يستعمل مقام القول المحقق كثيرا ، والزاعم هو زيد بن خالد ، قوله : " أنه قال " أي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : اعرف من المعرفة ، قوله : " يقول يزيد " يعني قال يحيى بن سعيد الأنصاري : يقول يزيد ، وهذه الجملة مقول قول يحيى فافهم ، وهو موصول بالإسناد المذكور ، قوله : " إن لم تعرف " بلفظ المجهول من التعريف ، ويروى إن لم تعرف من المعرفة على صيغة المجهول أيضا ، قوله : " صاحبها " أي ملتقطها ، قوله : " قال يحيى " أي يحيى بن سعيد الراوي ، وهو موصول بالإسناد المذكور ، والحاصل أن يحيى بن سعيد شك هل قوله : " وكانت وديعة عنده " من رسول الله صلى الله عليه وسلم أم لا ؟ وهو الذي أشار إليه بقوله : فهذا الذي لا أدري - أي لا أعلم - أفي حديث رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ؟ الهمزة فيه للاستفهام على سبيل الاستخبار ، قوله : " هو " يرجع إلى قوله : " وكانت وديعة عنده " ، قوله : " أم شيء من عنده " أي أو هو شيء قاله من عنده ، وقد جزم يحيى بن سعيد بذلك أنه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يشك فيه ، وهو فيما رواه مسلم عن القعنبي والإسماعيلي من طريق يحيى بن حسان ، كلاهما عن سليمان بن بلال ، عن يحيى فقال فيه : فإن لم تعرف فاستنفقها ، ولتكن وديعة عندك ، وقد أشار البخاري إلى رفعها على ما يجيء بعد أبواب; لأنه ترجم بقوله : إذا جاء صاحب اللقطة بعد سنة ردها عليه; لأنها وديعة عنده ، قوله : " قال يزيد " وهي تعرف أيضا أي قال يزيد مولى المنبعث الراوي المذكور ، وهو موصول بالإسناد المذكور ، وقوله : " تعرف " بتشديد الراء من التعريف على صيغة المجهول ، قوله : " حتى يجدها ربها " أي صاحبها . فيه دليل على جواز أن يقال لمالك السلعة : رب السلعة ، والأحاديث متظاهرة بذلك ، إلا أنه قد نهي عن ذلك في العبد والأمة في الحديث الصحيح فقال : لا يقل أحدكم : ربي ، وقد اختلف العلماء في ذلك فكرهه بعضهم مطلقا ، وأجازه بعضهم مطلقا ، وفرق قوم في ذلك بين من له روح وما لا روح له ، فكره أن يقال : رب الحيوان ولم يكره ذلك في الأمتعة ، والصواب تقييد الكراهة أو التحريم بجنس المملوك من الآدميين ، فأما غير الآدمي فقد ورد في عدة أحاديث فقال هاهنا : حتى يجدها ربها ، وقال في الإبل : حتى يلقاها ربها .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية