الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2432 6 - حدثنا خالد بن مخلد قال : حدثنا سليمان بن بلال قال : حدثني أبو طوالة - اسمه عبد الله بن عبد الرحمن - قال : سمعت أنسا رضي الله عنه يقول : أتانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ديارنا هذه فاستسقى ، فحلبنا له شاة لنا ، ثم شبته من ماء بئرنا هذه فأعطيته ، وأبو بكر عن يساره وعمر تجاهه ، وأعرابي عن يمينه ، فلما فرغ قال عمر : هذا أبو بكر ! فأعطى الأعرابي فضله ، ثم قال : الأيمنون الأيمنون ، ألا فيمنوا . قال أنس : فهي سنة ، فهي سنة - ثلاث مرات .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله " فاستسقى " ، وخالد بن مخلد - بفتح الميم واللام - القطواني الكوفي مر في العلم ، وأبو طوالة - بضم الطاء المهملة وتخفيف الواو - الأنصاري قاضي المدينة وكان يسرد الصوم .

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه مسلم في الأشربة عن القعنبي وعن يحيى بن أيوب وقتيبة وعلي بن حجر .

                                                                                                                                                                                  قوله ( ثم شبته ) ; أي خلطته ، من الشوب وهو الخلط .

                                                                                                                                                                                  قوله ( من ماء ) ، وقد تقدم في كتاب الشرب " شبته بماء " ، وكلاهما صحيح لأن حرف الجر يقوم مقام أخيه .

                                                                                                                                                                                  قوله ( وأبو بكر عن يساره ) جملة وقعت حالا ، وكذلك قوله ( وعمر تجاهه ) أي مقابله ، وأصله وجاهه ; قلبت الواو تاء كما في التكلان أصله الوكلان .

                                                                                                                                                                                  قوله ( فأعطى الأعرابي ) ، قال ابن التين : قيل إنه خالد بن الوليد . قلت : فيه نظر .

                                                                                                                                                                                  قوله ( الأيمنون ) مبتدأ ، وخبره محذوف تقديره : الأيمنون مقدمون ، والأيمنون الثاني للتأكيد .

                                                                                                                                                                                  قوله ( ألا ) كلمة تنبيه وتحضيض ، وبعض المعربين يقولون كلمة استفتاح ، والأصل الأول ، فيمنوا أمر من التيمين ، وهذا تأكيد بعد تأكيد ، ووقع في رواية مسلم من الوجه الذي ذكره البخاري موضع فيمنوا الأيمنون ، فذكره ثلاث مرات ، وعلى هذا شرح ابن التين كأنه في نسخته مثل ما في نسخة مسلم " الأيمنون " ثلاث مرات ، ولهذا قال أنس رضي الله تعالى عنه " فهي سنة " ثلاث مرات .

                                                                                                                                                                                  وفيه أنه لا بأس بطلب ما يتعارف الناس بطلب مثله من شرب الماء واللبن وما تطيب به النفوس ولا يتشاح فيه ، ولا سيما أن زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - زمن مكارمة ومسامحة ، وقد وصفهم الله تعالى بأنهم كانوا يؤثرون على أنفسهم ، وإنما أعطى الأعرابي ولم يستأذنه كما استأذن الغلام ليتألفه بذلك لقرب عهده بالإسلام ، وفيه أن السنة لمن استسقى أن يسقي من على يمينه وإن كان من على يساره أفضل ممن جلس على يمينه ، وفيه في قوله " فاستسقى " جواز ذلك ، ولا دناءة فيه بخلاف طلب الأكل . وفيه جواز المسألة بالمعروف على وجه الفقر ، وفيه إتيان دار من يصحبه اقتداء به صلى الله عليه وسلم ، وفيه شرب اللبن المخلوط بالماء ، وفيه جلوس القوم على قدر سبقهم .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية