الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2445 19 - حدثنا مسدد قال : حدثنا عيسى بن يونس ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبل الهدية ويثيب عليها .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة إنما تتأتى إذا أريد بلفظ الهبة في الترجمة معناها الأعم ، وهشام هو ابن عروة بن الزبير يروي عن أبيه عروة .

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه أبو داود في البيوع عن علي بن بحر وعبد الرحيم بن مطرف ، وأخرجه الترمذي في البر عن يحيى بن أكثم وعلي بن خشرم ، وفي الشمائل عن علي بن خشرم وغير واحد ; كلهم عن عيسى بن يونس به .

                                                                                                                                                                                  قوله ( عن هشام ) ، وفي رواية الإسماعيلي " عن عيسى بن يونس ، حدثنا هشام " .

                                                                                                                                                                                  قوله ( ويثيب عليها ) من أثاب يثيب ; أي يكافئ عليها بأن يعطي صاحبها العوض ، والمكافأة على الهدية مطلوبة اقتداء بالشارع ، قال صاحب التوضيح : وعندنا لا يجب فيها ثواب مطلقا سواء وهب الأعلى للأدنى أو عكسه أو للمساوي . قال المهلب : والهدية ضربان للمكافأة ، فهي بيع ويجبر على دفع العوض ، ولله تعالى وللصلة فلا يلزم عليه مكافأة وإن فعل فقد أحسن .

                                                                                                                                                                                  واختلف العلماء فيمن وهب هبة ثم طلب ثوابها وقال : إنما أردت الثواب ! فقال مالك : ينظر فيه ، فإن كان مثله من يطلب الثواب من الموهوب له فله ذلك مثل هبة الفقير للغني والغلام لصاحبه والرجل لامرأته ومن فوقه ، وهو أحد قولي الشافعي . وقال أبو حنيفة : لا يكون له إذا لم يشرطه ، وهو قول الشافعي الثاني . واحتج مالك بحديث الباب والاقتداء به واجب ، قال الله تعالى : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة وروى أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه من حديث ابن عباس أن أعرابيا وهب للنبي - صلى الله عليه وسلم - فأثابه عليها وقال : رضيت ؟ فقال : لا . فزاده ، قال : رضيت ؟ قال : لا . فزاده ، قال : رضيت ؟ قال : نعم . قال النبي صلى الله عليه وسلم : إني لا أتهب هبة إلا من قريشي أو أنصاري أو ثقفي . وعن أبي هريرة نحوه ، رواه أبو داود والترمذي والنسائي وقال : حسن . وقال الحاكم : صحيح على شرط مسلم ، وهو دال على الثواب فيها وإن لم يشرط لأنه - صلى الله عليه وسلم - أثابه وزاده فيه حتى بلغ رضاه ، واحتج به من أوجبه . قال : ولو لم يكن واجبا لم يثبه ولم يزده ، ولو أثاب تطوعا لم تلزمه الزيادة وكان ينكر على الأعرابي طلبها . قلت : طمع في مكارم أخلاقه وعادته في الإثابة . وقال ابن التين : إذا شرط الثواب أجازه الجماعة إلا عبد الملك ، وله عند الجماعة أن يردها ما لم يتغير إلا عند مالك فألزمه الثواب بنفس القبول ، وعبارة ابن الحاجب : وإذا صرح بالثواب فإن عينه فبيع ، وإن لم يعينه فصححه ابن القاسم ومنعه بعضهم للجهل بالثمن . قال : ولا يلزم الموهوب له إلا قيمتها قائمة أو فائتة . وقال مطرف : للواهب أن يأبى إن كانت قائمة .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية