الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2450 باب هبة المرأة لغير زوجها وعتقها إذا كان لها زوج ، فهو جائز إذا لم تكن سفيهة ، فإذا كانت سفيهة لم يجز ; قال الله تعالى : ولا تؤتوا السفهاء أموالكم

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي : هذا باب في بيان حكم هبة المرأة لغير زوجها إن وهبت شيئا لغير زوجها .

                                                                                                                                                                                  قوله ( وعتقها ) عطف على قوله " هبة المرأة " ; أي حكم عتق المرأة جاريتها .

                                                                                                                                                                                  قوله ( إذا كان لها زوج ) ليست للشرط ، بل ظرف لما تقدم ; لأن الكلام فيما إذا كان لها زوج وقت الهبة أو العتق ، أما إذا لم يكن لها زوج فلا نزاع في جوازه .

                                                                                                                                                                                  قوله ( فهو ) ; أي المذكور من الهبة والعتق جائز إذا لم تكن المرأة سفيهة وهي ضد الرشيدة ، والرشيدة من صلح دينها ودنياها .

                                                                                                                                                                                  قوله ( وقال الله تعالى : ولا تؤتوا السفهاء أموالكم ، ذكر هذا في معرض الاستدلال ، وقال سعيد بن جبير ومجاهد والحكم : السفهاء الذين ذكرهم الله عز وجل هنا اليتامى والنساء . وعن الحسن : المرأة والصبي . وفي لفظ : الصغار والنساء أسفه السفهاء . وفي لفظ : ابنك السفيه وامرأتك السفيهة . وقد ذكر أن رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - قال : اتقوا الله في الضعيفين ; اليتيم والمرأة . وقال ابن مسعود : النساء والصبيان . وقال السدي : الولد والمرأة . وقال الضحاك : الولد والنساء أسفه السفهاء ، فيكونوا عليكم أربابا . وعن ابن عباس : امرأتك وبنتك . قال : وأسفه السفهاء الولدان والنساء . قال الطبري : وقال غير هؤلاء إنهم الصبيان خاصة ، قاله ابن جبير [ ص: 151 ] والحسن . وقال آخرون : بل عنى بذلك السفهاء من ولد الرجل ، منهم أبو مالك وابن عباس وأبو موسى وابن زيد بن أسلم . وقال آخرون : بل عنى بذلك النساء خاصة ، فذكر المعتمر بن سليمان عن أبيه قال : زعم حضرمي أن رجلا عمد فدفع ماله إلى امرأته فوضعته في غير الحق ، فقال الله عز وجل :ولا تؤتوا السفهاء أموالكم وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا صدقة بن خالد ، حدثنا عثمان بن أبي العاتكة ، عن علي بن يزيد ، عن القاسم ، عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : إن النساء السفهاء ، إلا التي أطاعت قيمها . ورواه ابن مردويه مطولا ، وقال ابن أبي حاتم : ذكره عن مسلم بن إبراهيم ، حدثنا حرب بن شريح ، عن معاوية بن قرة ، عن أبي هريرة " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " ، قال : الخدم ، وهم شياطين الإنس ، وهم الخدم . وفي التوضيح : من قال عنى بالسفهاء النساء خاصة فإنه حمل اللفظ على غير وجهه ، وذلك لأن العرب لا تكاد تجمع فعيلا على فعلاء إلا في جمع الذكور أو الذكور والإناث ، فأما إذا أرادوا جمع الإناث خاصة لا ذكور معهن جمعوه على فعائل وفعيلات مثل غريبة تجمع على غرائب وغريبات ، فأما الغرباء فهو جمع غريب . قال : وكأن البخاري أراد بالتبويب وما فيه من الأحاديث الرد على من خالف ذلك ، روى حبيب المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لما فتح مكة : لا يجوز عطية امرأة في مالها إلا بإذن زوجها . أخرجه النسائي .

                                                                                                                                                                                  وقد اختلف العلماء في المرأة المالكة لنفسها الرشيدة ذات الزوج على قولين ; أحدهما : أنه لا فرق بينها وبين البالغ الرشيد في التصرف ، وهو قول الثوري والشافعي وأبي ثور وأصحاب الرأي .

                                                                                                                                                                                  والقول الآخر : لا يجوز لها أن تعطي من مالها شيئا بغير إذن زوجها ، روي ذلك عن أنس وطاوس والحسن البصري ، وقال الليث : لا يجوز عتق المزوجة وصدقتها إلا في الشيء اليسير الذي لا بد منه من صلة الرحم أو ما يتقرب به إلى الله تعالى . وقال مالك : لا يجوز عطاؤها بغير إذن زوجها إلا من ثلث مالها خاصة قياسا على الوصية .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية