الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2452 26 - حدثنا يحيى بن بكير ، عن الليث ، عن يزيد ، عن بكير ، عن كريب مولى ابن عباس أن ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها أخبرته أنها أعتقت وليدة ولم تستأذن النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما كان يومها الذي يدور عليها فيه قالت : أشعرت يا رسول الله أني أعتقت وليدتي ؟ قال : أوفعلت ؟ قالت : نعم . قال : أما أنك لو أعطيتها أخوالك كان أعظم لأجرك .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة من حيث إن ميمونة كانت رشيدة وأعتقت وليدتها من غير استئذان من النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ، فلو لم يكن تصرف الرشيدة في مالها نافذا لأبطله النبي صلى الله تعالى عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                  ذكر رجاله : وهم ستة ; الأول : يحيى بن بكير ، هو يحيى بن عبد الله بن بكير ، أبو زكريا المخزومي . الثاني : الليث بن سعد . الثالث : يزيد - من الزيادة - ابن أبي حبيب . الرابع : بكير - بضم الباء الموحدة - ابن عبد الله الأشج . الخامس : كريب مولى ابن عباس ، أبو رشد - بكسر الراء . السادس : ميمونة بنت الحارث الهلالية زوج النبي صلى الله تعالى عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                  ذكر لطائف إسناده : فيه التحديث بصيغة الجمع في موضع ، وفيه الإخبار بصيغة الإفراد في موضع ، وفيه العنعنة في أربعة مواضع ، وفيه أن النصف الأول من الإسناد بصريون والنصف الثاني مدنيون ، وفيه أن شيخه منسوب إلى جده ، وفيه ثلاثة من التابعين على نسق واحد وهم يزيد وبكير وكريب ، وفيه أن بكيرا وكريبا متحدان في الحروف الأربعة .

                                                                                                                                                                                  ذكر من أخرجه غيره : أخرجه مسلم في الزكاة عن هارون بن سعيد الأيلي ، وأخرجه النسائي في العتق عن أحمد بن يحيى بن الوزير .

                                                                                                                                                                                  ذكر معناه : قوله ( وليدة ) ; أي أمة ، وفي رواية النسائي من طريق عطاء بن يسار عن ميمونة أنها كانت لها جارية سوداء .

                                                                                                                                                                                  قوله ( أشعرت ) ؛ أي أعلمت .

                                                                                                                                                                                  قوله ( قال : أوفعلت ؟ ) ; أي قال النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - أوفعلت العتق ؟

                                                                                                                                                                                  قوله ( أما ) بفتح الهمزة وتخفيف الميم ، وهو هنا بمعنى حقا أو أحقا على خلاف فيه ، وتفتح كلمة " أن " بعدها وهي قوله " أنك " ، وأما " أما " التي تكون حرف الاستفتاح التي بمعنى " ألا " فكلمة " أن " بعدها مكسورة كما تكسر بعد " ألا " الاستفتاحية .

                                                                                                                                                                                  قوله ( أخوالك ) ، أخوالها كانوا من بني هلال أيضا ، واسم أمها هند بنت عوف بن زهير بن الحارث ، ووقع في رواية الأصيلي " أخواتك " بالتاء ، قال عياض : ولعله أصح من رواية " أخوالك " ، بدليل رواية مالك في الموطأ " فلو أعطيتها أختيك " . [ ص: 153 ] وقال النووي : الجميع صحيح ولا تعارض ، ويكون النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - قال ذلك كله .

                                                                                                                                                                                  قوله ( كان أعظم لأجرك ) ، قال ابن بطال : فيه أن هبة ذي الرحم أفضل من العتق ، ويؤيده ما رواه الترمذي والنسائي وأحمد من حديث سلمان بن عامر الضبي مرفوعا : الصدقة على المسكين صدقة ، وعلى ذي الرحم صدقة وصلة . ورواه أيضا ابن خزيمة وابن حبان وصححاه ، قلت : ينبغي أن يكون أفضلية هبة ذي الرحم من العتق إذا كان فقيرا لا مطلقا ، وكيف وقد جاء في العتق أنه يعتق بكل عضو منه عضوا منه من النار وبه تجاز العقبة يوم القيامة ، ونقل عن مالك أن الصدقة على الأقارب أفضل من العتق ، والحق أن هذا يختلف باختلاف الأحوال .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية