الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2459 33 - حدثنا قتيبة بن سعيد قال : حدثنا الليث ، عن ابن أبي مليكة ، عن المسور بن مخرمة رضي الله عنهما أنه قال : قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقبية ولم يعط مخرمة منها شيئا ، فقال مخرمة : يا بني ، انطلق بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . فانطلقت معه ، فقال : ادخل فادعه لي . قال : فدعوته له ، فخرج إليه وعليه قباء منها ، فقال : خبأنا هذا لك . قال : فنظر إليه ، فقال : رضي مخرمة ؟

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة من حيث إن نقل المتاع إلى الموهوب له قبض ، وبهذا يجاب عن قول من قال كيف يدل الحديث على الترجمة التي هي قبض العبد ؟ لأنه لما علم أن قبض المتاع بالنقل إليه علم منه حكم العبد وغيره من سائر المنقولات .

                                                                                                                                                                                  ذكر رجاله : وهم خمسة ; قتيبة بن سعيد ، والليث بن سعد ، وعبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة ، والمسور - بكسر الميم وسكون السين المهملة - وأبوه مخرمة - بفتح الميم وسكون الخاء المعجمة - ابن نوفل الزهري أسلم يوم الفتح ، بلغ مائة وخمس عشرة سنة ، ومات سنة أربع وخمسين .

                                                                                                                                                                                  ذكر لطائف إسناده : فيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين ، وفيه العنعنة في موضعين ، وفيه القول في موضعين ، وفيه أن شيخه بغلاني - وبغلان من بلخ - وأن الليث مصري وابن أبي مليكة مكي ، وفيه رد على من يقول إن المسور لم ير رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - ولم يسمع منه .

                                                                                                                                                                                  ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره : أخرجه البخاري أيضا في اللباس عن قتيبة أيضا ، وفي الشهادات عن زياد بن يحيى ، وفي الخمس عن عبد الله بن عبد الوهاب الحجبي ، وفي الأدب عن الحجبي أيضا . وأخرجه مسلم في الزكاة عن قتيبة به ، وعن زياد بن يحيى . وأخرجه أبو داود في اللباس عن قتيبة ويزيد بن خالد كلاهما عن الليث به ، وأخرجه الترمذي في الاستئذان عن قتيبة ، وأخرجه النسائي في الزينة عن قتيبة .

                                                                                                                                                                                  ذكر معناه : قوله ( أقبية ) جمع قباء ممدودا ، وقال الجوهري : القباء الذي يلبس ، وفي المغرب ما يدل على أنه عربي ، والدليل عليه ما قاله ابن دريد : وهو من قبوت الشيء إذا جمعته .

                                                                                                                                                                                  قوله ( فادعه لي ) ; أي فادع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأجلي ، وفي رواية تأتي " قال المسور : فأعظمت ذلك ، فقال : يا بني ، إنه ليس بجبار ! فدعوته فخرج " .

                                                                                                                                                                                  قوله ( فخرج إليه ) ; أي فخرج رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - إلى مخرمة .

                                                                                                                                                                                  قوله ( وعليه قباء ) جملة حالية .

                                                                                                                                                                                  قوله ( منها ) ; أي من الأقبية ، وظاهر هذا استعمال الحرير ، ولكن قالوا : يجوز أن يكون قبل النهي . وقيل : معناه وإنه نشره على أكتافه ليراه مخرمة كله ، وهذا ليس بلبس ولو كان بعد التحريم .

                                                                                                                                                                                  قوله ( فقال : خبأنا هذا لك ) ، إنما قال هذا للملاطفة ; لأنه كان في خلقه شيء ، وذكره في الجهاد ولفظه : وكان في خلقه شدة .

                                                                                                                                                                                  قوله ( قال : فنظر إليه ) ; أي قال المسور : فنظر مخرمة إلى القباء .

                                                                                                                                                                                  قوله ( فقال : رضي مخرمة ) ، قال الداودي : هو من قوله صلى الله تعالى عليه وسلم ، معناه : هل رضيت ؟ على وجه الاستفهام . وقال ابن التين : [ ص: 159 ] يحتمل أن يكون من قول مخرمة .

                                                                                                                                                                                  ومن فوائده : الاستئلاف للقلوب ، وأن القبض يحصل بمجرد النقل إلى المهدى إليه .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية