الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  وقال إسماعيل : أخبرني عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة لا أعلمه إلا عن أنس - رضي الله عنه - قال : لما نزلت : لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون جاء أبو طلحة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، يقول الله تبارك وتعالى في كتابه : لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وإن أحب أموالي إلي بيرحاء ، قال : وكانت حديقة كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدخلها ، ويستظل بها ، ويشرب من مائها ، فهي إلى الله عز وجل ، وإلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - أرجو بره وذخره ، فضعها أي رسول الله حيث أراك الله ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : بخ يا أبا طلحة ، ذلك مال رابح ، قبلناه منك ، ورددناه إليك ، فاجعله في الأقربين ، فتصدق به أبو طلحة على ذوي رحمه ، قال : وكان منهم أبي وحسان قال : وباع حسان حصته منه من معاوية ، فقيل له : تبيع صدقة أبي طلحة ، فقال : ألا أبيع صاعا من تمر بصاع من دراهم ، قال : وكانت تلك الحديقة في موضع قصر بني حديلة الذي بناه معاوية .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة تتأتى من قوله : " قبلناه منك ورددناه إليك " وإسماعيل هذا هو ابن جعفر ، قاله أبو مسعود ، وخلف جميعا ، وبه جزم أبو نعيم في المستخرج ، وجزم الحافظ المزي بأنه إسماعيل بن أبي أويس ، قال صاحب التوضيح : ذكر البخاري هذا الحديث معلقا ، والذي ألفيناه في أصل الدمياطي مسندا ، يعني قال البخاري : حدثنا إسماعيل ، فبهذا يتعين أنه إسماعيل بن أبي أويس ، وعبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون ، واسم أبي سلمة دينار ، قال الواقدي : مات ببغداد سنة أربع وستين ومائة ، وصلى عليه المهدي ، ودفنه في مقابر قريش ، وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة زيد بن سهل الأنصاري ابن أخي أنس بن مالك ، مات سنة أربع وثلاثين ومائة ، والحديث في كتاب الزكاة في باب الزكاة على الأقارب ، ومضى الكلام فيه .

                                                                                                                                                                                  ولنتكلم أيضا فيما لم يقع هناك ، قوله : " لا أعلمه إلا عن أنس " قيل : الظاهر أنه من كلام البخاري ; لأن ابن عبد البر رواه في التمهيد بطوله بالجزم ولم يذكر فيه هذا اللفظ ، قوله : " لما نزلت لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون جاء أبو طلحة " وزاد ابن عبد البر في روايته : ورسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم على المنبر ، قوله : " وباع حسان حصته منه من معاوية " هذا يدل على أن أبا طلحة ملكهم الحديقة المذكورة ولم يقفها عليهم ، إذ لو وقفها ما ساغ لحسان أن يبيعها ، كذا قال بعضهم ، إلا أنه يعكر عليه احتجاج الفقهاء بقصة أبي طلحة في مسائل الوقف ، ويمكن أن يجاب عن هذا بأن أبا طلحة حين وقفها عليهم شرط جواز بيعهم عند الاحتياج إليه ، فإن الوقف بهذا الشرط يجوز عند بعضهم ، قال الكرماني : ( فإن قلت ) : كيف جاز بيع الوقف ؟ ( قلت ) : التصدق على المعين تمليك له ، ( قلت ) : فيه نظر لا يخفى ، قوله : " بصاع من دراهم " وذكر في أخبار المدينة لمحمد بن الحسن المخزومي من طريق أبي بكر بن حزم أن ثمن حصة حسان مائة ألف درهم ، قبضها من معاوية بن أبي سفيان ، قوله : " بني حديلة " بضم الحاء المهملة وأخطأ من قال بالجيم ، وهم بطن من الأنصار ، وهم بنو معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار ، قوله : " الذي بناه معاوية " قال الكرماني : أي ابن عمرو بن مالك بن النجار ورد عليه بأن الذي بناه معاوية بن أبي سفيان ، وكان الذي بناه له الطفيل بن أبي بن كعب .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية