الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2615 28 - حدثنا عبد العزيز بن عبد الله ، قال : حدثني سليمان بن بلال ، عن ثور بن زيد المدني ، عن أبي الغيث ، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : اجتنبوا السبع الموبقات ، قالوا : يا رسول الله ، وما هن ، قال : الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله : وأكل مال اليتيم .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر رجاله ) : وهم خمسة . الأول : عبد العزيز بن عبد الله بن يحيى أبو القاسم القرشي العامري الأوسي . الثاني : سليمان بن بلال أبو أيوب القرشي التيمي . الثالث : ثور ، بلفظ الحيوان المشهور ابن زيد الديلي . الرابع : أبو الغيث مرادف المطر ، واسمه سالم مولى أبي مطيع القرشي . الخامس : أبو هريرة .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر لطائف إسناده ) : فيه التحديث بصيغة الجمع في موضع ، وبصيغة الإفراد في موضع ، وفيه العنعنة في أربعة مواضع ، وفيه القول في موضع واحد ، وفيه أن شيخه من أفراده ، وفيه أن رجاله كلهم مدنيون .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر تعدد موضعه ، ومن أخرجه غيره ) : أخرجه البخاري أيضا في الطب ، وفي المحاربين عن عبد العزيز المذكور ، وأخرجه مسلم في الإيمان عن هارون بن سعيد الأيلي ، وأخرجه أبو داود في الوصايا عن أحمد بن سعيد الهمداني ، وأخرجه النسائي فيه ، وفي التفسير عن الربيع بن سليمان .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر معناه ) : قوله : ( اجتنبوا ) ، أي : ابتعدوا من الاجتناب من باب الافتعال من الجنب ، وهو أبلغ من ابعدوا واحذروا ، ونحو ذلك قوله تعالى :ولا تقربوا الزنا ; لأن نهي القربان أبلغ من نهي المباشرة . قوله : ( الموبقات ) ، أي : المهلكات ، وهو جمع موبقة ، من أوبق ، وثلاثيه وبق يبق وبوقا إذا هلك من باب ضرب يضرب ، وجاء أيضا وبق يوبق وبقا من باب علم يعلم ، وجاء من باب فعل يفعل بالكسر فيهما . قوله : ( الشرك بالله ) ، أي : أحدها الشرك بالله ، الشرك جعل أحد شريكا لآخر ، والمراد هنا اتخاذ إله غير الله . قوله : ( والسحر ) ، أي : الثاني : السحر ، وهو في اللغة صرف الشيء عن وجهه ، وقال الجوهري : السحر الأخذة ، وكل ما لطف مأخذه ورق فهو سحر ، وقد سحره سحرا ، والساحر العالم ، وسحره أيضا بمعنى خدعه ، وذكر أبو عبد الله الرازي أنواع السحر ثمانية : الأول : سحر الكذابين ، والكشدانيين الذين كانوا يعبدون الكواكب السبعة المتحيرة ، وهي السيارة ، وكانوا يعتقدون أنها مدبرة للعالم ، وأنها تأتي بالخير ، والشر ، وهم الذين بعث الله إبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم مبطلا لمقالتهم ، وردا لمذاهبهم . الثاني : سحر أصحاب الأوهام ، والنفوس القوية . الثالث : الاستعانة بالأرواح الأرضية ، وهم الجن خلافا للفلاسفة ، والمعتزلة ، وهم على قسمين : مؤمنون وكفار ، وهم الشياطين ، وهذا النوع يحصل بأعمال من الرقى ، والدخن ، وهذا النوع المسمى بالعزائم ، وعمل تسخير . الرابع : التخيلات ، والأخذ بالعيون ، والشعبذة ، وقد قال بعض المفسرين : إن سحر السحرة بين يدي فرعون إنما كان من باب الشعبذة . الخامس : الأعمال العجيبة التي تظهر من تركيب الآلات المركبة . السادس : الاستعانة بخواص الأدوية ، يعني : في الأطعمة ، والدهانات . السابع : تعلق القلب ، وهو أن يدعي الساحر أنه عرف الاسم الأعظم ، وأن الجن يطيعونه ، وينقادون له في أكثر الأمور . الثامن من السحر : السعي بالنميمة بالتصريف من وجوه خفية لطيفة ، وذلك شائع في الناس ، وإنما أدخل كثير من هذه الأنواع المذكورة في فن السحر للطافة مداركها ; لأن السحر في اللغة عبارة عما لطف وخفي سببه ; ولهذا جاء في الحديث : ( إن من البيان لسحرا ) ، وسمي السحور لكونه يقع خفيا آخر الليل ، والسحر الرية ، وهي محل الغداء ، وسميت بذلك لخفائها ولطف مجاريها إلى أجزاء [ ص: 62 ] البدن وغصونه . قوله : ( وقتل النفس ) أي : الثالث من السبع الموبقات : قتل النفس . قوله : ( وأكل الربا ) ، أي : الرابع : أكل الربا ، وهو فضل مال بلا عوض في معاوضة مال بمال ، كما عرف في الفقه . قوله : ( وأكل مال اليتيم ) ، أي : الخامس : أكل مال اليتيم ، وهو المنفرد في اللغة ، وهو من مات أبوه وهو ما دون البلوغ ، وفي البهائم من ماتت أمه . قوله : ( والتولي يوم الزحف ) ، أي : السادس : الفرار عن القتال يوم ازدحام الطائفتين ، ويقال : التولي الإعراض عن الحرب ، والفرار من الكفار إذا كان بإزاء كل مسلم كافران ، وإن كان بإزاء كل مسلم أكثر من كافرين يجوز الفرار ، والزحف الجماعة الذين يزحفون إلى العدو ، أي : يمشون إليهم بمشقة من زحف الصبي إذا دب على استه . قوله : ( وقذف المحصنات ) ، أي : السابع : قذف المحصنات ، القذف الرمي البعيد ، استعير للشتم ، والعيب ، والبهتان ، كما استعير للرمي ، والمحصنات جمع محصنة بفتح الصاد اسم مفعول ، أي : التي أحصنها الله تعالى وحفظها من الزنا ، وبكسرها اسم فاعل ، أي : التي حفظت فرجها من الزنا . قوله : ( المؤمنات ) احترز به عن قذف الكافرات ، فإن قذفهن ليس من الكبائر ، وإن كانت ذمية فقذفها من الصغائر لا يوجب الحد ، وفي قذف الأمة المسلمة التعزير دون الحد . قوله : ( الغافلات ) كناية عن البريئات ; لأن البريء غافل عما بهت به من الزنا .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر ما يستفاد منه ) : فيه ذكر السبع ، ولا ينافي أن لا تكون كبيرة إلا هذه ، فقد ذكر في غير هذا الموضع قول الزور ، وزنا الرجل بحليلة جاره ، وعقوق الوالدين ، واليمين الغموس ، واستحلال بيت الله ، ومسك امرأة محصنة لمن يزني بها ، ومسك مسلم لمن يقتله ، ودل الكفار على عورات المسلمين مع علمه أنهم يستأصلون بدلالته ، ويسبون ، ويغنمون ، والحكم بغير حق ، والإصرار على الصغيرة ، وقال الشافعي : وأكبرها بعد الإشراك القتل ، وادعى بعضهم أن الكبائر سبع ، كأنه أخذ ذلك من هذا الحديث ، وقال بعضهم : إحدى عشرة ، وقال ابن عباس إلى السبعين أقرب ، وروي عنه إلى سبعمائة ، والتحقيق هنا أن التنصيص على عدد لا ينافي أكثر من ذلك ، وأما تعيين السبع هنا فلاحتمال أن يكون أعلم الشارع بها في ذلك الوقت ، ثم أوحي إليه بعد ذلك غيرها ، أو يكون السبع هي التي دعت إليها الحاجة في ذلك الوقت ، وكذلك القول في كل حديث خص عددا من الكبائر ، وفيه أن الموبقات التي هي الكبائر لا بد في مقابلتها الصغائر ، فلا بد من الفرق بينهما ، فقال : الشيخ عز الدين بن عبد السلام : إذا أردت معرفة الفرق بين الصغيرة ، والكبيرة فاعرض مفسدة الذنب على مفاسد الكبائر المنصوص عليها ، فإذا نقصت عن أقل مفاسد الكبائر فهي من الصغائر ، وإن ساوت أدنى مفاسد الكبائر ، أو أربت عليه فهي من الكبائر ، فمن شتم الرب عز وجل ، أو رسوله صلى الله تعالى عليه وسلم ، أو استهان بالرسل ، أو كذب واحدا منهم ، أو ضمخ الكعبة المشرفة بالعذرة ، أو ألقى المصحف في القاذورات ، فهي من أكبر الكبائر ، ولم يصرح الشرع بذكرها ، وقال بعضهم : كل ذنب قرن به وعيد ، أو حد ، أو لعن ، فهو كبيرة ، وروي هذا عنالحسن أيضا ، وقيل : الكبيرة ما يشعر بتهاون مرتكبها في دينه ، وعن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه : الكبائر جميع ما نهى الله عنه من أول سورة النساء إلى قوله : إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه وعن ابن عباس : كل ما نهى الله عنه فهي كبيرة ، وبه قال الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني ، وغيره ، وعن عياض ، هذا مذهب المحققين ; لأن كل مخالفة فهي بالنسبة إلى جلال الله تعالى كبيرة ، قال القرطبي : وما أظنه صحيحا عنه ، أي : عن ابن عباس ، يعني : عدم التفرقة بين الصغيرة ، والكبيرة ، فإنه قد فرق بينهما في قوله : إن تجتنبوا كبائر الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم فجعل من المنهيات كبائر وصغائر ، وفرق بينهما في الحكم لما جعل تكفير السيئات في الآية مشروطا باجتناب الكبائر ، واستثنى اللمم من الكبائر ، والفواحش ، فكيف يخفى مثل هذا الفرق على حبر القرآن ، فالرواية عنه لا تصح ، أو هي ضعيفة ، والمشهور انقسام المعاصي إلى صغائر وكبائر ، وادعى بعضهم أنها كلها كبائر ، وفيه السحر ، والكلام فيه على أنواع .

                                                                                                                                                                                  الأول : إن السحر له حقيقة ، وذكر الوزير أبو المظفر يحيى بن محمد بن هبيرة في كتابه ( الإشراف على مذاهب الأشراف ) أجمعوا على أن السحر له حقيقة ، إلا أبا حنيفة ، فإنه قال : لا حقيقة له ، وقال القرطبي : وعندنا أن السحر حق ، وله حقيقة ، يخلق الله تعالى عنده ما شاء ، خلافا للمعتزلة ، وأبي إسحاق الإسفرايني من الشافعية ، حيث قالوا : إنه تمويه ، وتخيل ، قال : ومن السحر [ ص: 63 ] ما يكون بخفة اليد كالشعوذة ، والشعوذي البريد لخفة سيره ، وقال ابن فارس : وليست هذه الكلمة من كلام أهل البادية ، قال القرطبي : ومنه ما يكون كلاما يحفظ ورقى من أسماء الله تعالى ، وقد يكون من عهود الشياطين ، ويكون أدوية ، وأدخنة ، وغير ذلك ، وقال الرازي في ( تفسيره ) عن المعتزلة : إنهم أنكروا وجود السحر ، قال : وربما كفروا من اعتقد وجوده ، قال : وأما أهل السنة ، فقد جوزوا أن يقدر الساحر أن يطير في الهواء ، وأن يقلب الإنسان حمارا ، والحمار إنسانا إلا أنهم قالوا : إن الله يخلق الأشياء عندما يقول الساحر تلك الرقى ، والكلمات المعينة ، فأما أن يكون المؤثر في ذلك هو الفلك ، والنجوم فلا ، خلافا للفلاسفة ، والمنجمين ، والصابئة ، ثم استدل على وقوع السحر ، وأنه بخلق الله بقوله تعالى وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ومن الأخبار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سحر ، وأن السحر عمل فيه .

                                                                                                                                                                                  النوع الثاني : هل يجوز تعلم السحر أم لا ، فقال الرازي : إن العلم بالسحر ليس بقبيح ، ولا محظور ، اتفق المحققون على ذلك ، فإن العلم لذاته شريف ، ولأنه لو لم يعلم ما أمكن الفرق بينه وبين المعجزة ، والعلم بكون المعجز معجزا واجب ، وما يتوقف عليه الواجب فهو واجب ، فهذا يقتضي أن يكون تحصيل العلم بالسحر واجبا ، وما يكون واجبا كيف يكون حراما وقبيحا ، هذا لفظه بحروفه في هذه المسألة ، وفيه نظر من وجوه . الأول : قوله : العلم بالسحر ليس بقبيح ، إن عنى به ليس بقبيح عقلا فمخالفوه من المعتزلة يمنعون ذلك ، وإن عنى ليس بقبيح شرعا ، ففي قوله تعالى : واتبعوا ما تتلو الشياطين الآية تبشيع لتعلم السحر ، وفي ( الصحيح ) : ( من أتى عرافا ، أو كاهنا ، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ) ، وفي السنن : ( من عقد عقدة ونفث فيها ، فقد سحر ) . الثاني : قوله : ولا محظور ، اتفق المحققون على ذلك ، وكيف لا يكون محظورا مع ما ذكرنا من الآية ، والحديث ، والمحققون هم علماء الشريعة ، وأين نصوصهم على ذلك . الثالث : قوله : ولأنه لو لم يعلم إلى آخره كلام فاسد ; لأن أعظم معجزات رسولنا صلى الله عليه وسلم القرآن العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد . الرابع : قوله : والعلم بكونه معجزا ، وهذا العلم لا يتوقف على علم السحر أصلا ، ثم من المعلوم بالضرورة أن الصحابة ، والتابعين ، وأئمة المسلمين ، وعامتهم كانوا يعلمون المعجز ، ويفرقون بينه وبين غيره ، ولم يكونوا يعلمون السحر ، ولا تعلموه ، ولا علموه ، والذي نص عليه العلماء ، والفقهاء أن تعلم السحر وتعليمه من الكبائر ، وفي ( التلويح ) ، وقال بعض أصحاب الشافعي : تعلمه ليس بحرام ، بل يجوز ليعرف ، ويرد على فاعله ، ويميز عن الكرامة للأولياء ، ( قلت ) : الظاهر أن مراده من بعض أصحاب الشافعي الرازي ، وقد ردينا عليه ، ومنهم الغزالي .

                                                                                                                                                                                  النوع الثالث : اختلفوا فيمن يتعلم السحر ، ويستعمله ، فقال أبو حنيفة ، ومالك ، وأحمد : يكفر بذلك ، وعن بعض الحنفية إن تعلمه ليتقيه ، أو ليجتنبه ، فلا يكفر ، ومن تعلمه معتقدا جوازه ، أو أن ينفعه كفر ، وكذا من اعتقد أن الشياطين تفعل له ما يشاء ، فهو كافر ، وقال الشافعي : إذا تعلم السحر قلنا له صف لنا سحرك ، فإن وصف ما يوجب الكفر مثل ما اعتقده أهل بابل من التقرب إلى الكواكب السبعة ، وأنها تفعل ما يلتمس منها ، فهو كافر ، وإن كان لا يوجب الكفر ، فإن اعتقد إباحته ، فهو كافر .

                                                                                                                                                                                  النوع الرابع : في قتل الساحر ، قال ابن هبيرة : هل يقتل بمجرد فعله ، واستعماله ، فقال مالك ، وأحمد : نعم ، وقال الشافعي ، وأبو حنيفة : لا يقتل حتى يتكرر منه الفعل ، أو يقر بذلك في شخص معين ، فإذا قتل ، فإنه يقتل حدا عندهم ، إلا الشافعي ، فإنه قال : والحالة هذه قصاصا ، وأما ساحر أهل الكتاب فإنه يقتل عند أبي حنيفة كما يقتل الساحر المسلم ، وقال الشافعي ، ومالك ، وأحمد : لا يقتل لقصة لبيد بن أعصم ، واختلفوا في المسلمة الساحرة : فعند أبي حنيفة أنها لا تقتل ، ولكن تحبس ، وقالت الثلاثة : حكمها حكم الرجل ، وقال أبو بكر الخلال : أخبرنا أبو بكر المروزي ، قال : قرئ على أبي عبد الله ، يعني : أحمد بن حنبل ، حدثنا عمر بن هارون ، حدثنا يونس ، عن الزهري ، قال : يقتل ساحر المسلمين ، ولا يقتل ساحر المشركين ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم سحرته امرأة من اليهود ، فلم يقتلها ، وحكى ابن خويز منداد عن مالك روايتين في الذمي إذا سحر إحداهما يستتاب ، فإن أسلم ، وإلا قتل ، والثانية أنه يقتل ، وإن أسلم .

                                                                                                                                                                                  النوع الخامس : هل تقبل توبة الساحر ، فقال مالك ، وأبو حنيفة ، وأحمد في المشهور عنهما : لا تقبل ، وقال الشافعي ، وأحمد [ ص: 64 ] في الرواية الأخرى : تقبل ، وعن مالك : إذا ظهر عليه لم تقبل توبته كالزنديق ، فإن تاب قبل أن يظهر عليه ، وجاء تائبا قبلناه ، ولم نقتله ، فإن قتل بسحره قتل ، وقال الشافعي : فإن قال : لم أتعمد القتل ، فهو مخطئ تجب عليه الدية .

                                                                                                                                                                                  النوع السادس : هل يسأل الساحر حل سحره ، فأجازه سعيد بن المسيب فيما نقله عنه البخاري ، وقال عامر الشعبي : لا بأس بالنشرة ، وكره ذلك الحسن البصري ، وفي ( الصحيح ) عن عائشة قالت : يا رسول الله ، هلا تنشرت ، فقال : الله فقد شفاني ، وخشيت أن أفتح على الناس شرا ، وحكى القرطبي عن وهب ، قال : يؤخذ سبع ورقات من سدر فتدق بين حجرين ، ثم يضرب بالماء ، ويقرأ عليها آية الكرسي ، ويشرب منها المسحور ثلاث حسوات ، ثم يغتسل بباقيه ، فإنه يذهب ما به ، وهو جيد للرجل الذي يؤخذ عن امرأته ، ( قلت ) : النشرة بضم النون ضرب من الرقية ، والعلاج يعالج به من كان يظن أن به مساس الجن سميت نشرة ; لأنه ينشر بها عنه ما خامره من الداء ، أي : يكشف ، ويزال .

                                                                                                                                                                                  وفيه التولي يوم الزحف ، وهو حجة على الحسن البصري في قوله : كان الفرار كبيرة يوم بدر لقوله تعالى ومن يولهم يومئذ دبره وفيه قذف المحصنات ، وقد ورد الإحصان في الشرع على خمسة أقسام : الإسلام ، والعفة ، والتزويج ، والحرية ، والنكاح ، وقال أصحابنا : إحصان المقذوف بكونه مكلفا ، أي : عاقلا بالغا حرا مسلما عفيفا عن زنا ، فهذه خمس شرائط يدخل تحت قوله تعالى : والذين يرمون المحصنات فإذا فقد واحد منها لا يكون محصنا .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية