الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2624 37 - حدثنا عبد الله بن يوسف ، قال : أخبرنا مالك ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يقتسم ورثتي دينارا ، ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤونة عاملي فهو صدقة .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله : " ومؤونة عاملي " ، والعامل هو القيم ، وقال ابن بطال : أراد البخاري بتبويبه أن يبين أن المراد بقوله : " مؤونة عاملي " أنه عامل أرضه التي أفاءها الله عليه من بني النضير وفدك وسهمه من خيبر ، وفي التلويح وفي حواشي السنن قيل : أراد حافر قبره . واستبعد لأنهم لم يكونوا يحفرون بأجرة ، فكيف له صلى الله تعالى عليه وسلم ! وقيل : أراد الخليفة بعده . قال الكرماني : عاملي أي خليفتي . وأبو الزناد ، بالزاي والنون : عبد الله بن ذكوان . والأعرج : عبد الرحمن بن هرمز . والحديث أخرجه البخاري أيضا في الفرائض عن إسماعيل . وأخرجه مسلم في المغازي عن يحيى بن يحيى . وأخرجه أبو داود في الخراج عن القعنبي . كلهم عن مالك .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر معناه ) ، قوله : " ولا تقتسم " قال ابن عبد البر : لا تقتسم ، برفع الميم ، على الخبر ، أي : ليس تقتسم . وقال الطبري في التهذيب : " لا تقتسم ورثتي " بمعنى النهي ، لأنه لم يترك دينارا ولا درهما ، فلا يجوز النهي عما لا سبيل إلى فعله ، ومعنى الخبر : ليس تقتسم ورثتي . وقيل : يجوز بإسكان الميم على النهي . قلت : الضم أشهر ، وبه يستقيم المعنى ، حتى لا يعارض ما روي عن عائشة وغيرها أنه لم يترك صلى الله تعالى عليه وسلم مالا يورث عنه . فإن قلت : ما وجه النهي ؟ قلت : هو أنه لم يقطع بأنه لا يخلف شيئا ، بل كان ذلك محتملا ، فنهاهم عن قسمة ما يخلف إن اتفق أنه خلف .

                                                                                                                                                                                  قوله : "ورثتي" سماهم ورثة باعتبار أنهم كذلك بالقوة ، لكن منعهم من الميراث الدليل الشرعي ، وهو قوله : " ولا نورث ما تركناه صدقة " قوله : " دينارا " وفي رواية يحيى بن يحيى الأندلسي " دنانير " وتابعه ابن كنانة ، وسائر الرواة يقولون : " دينارا " ، قال : أبو عمر : هو الصواب ، لأن الواحد هنا أعم عند أهل اللغة . قوله : " بعد نفقة نسائي " ، قال الخطابي : بلغني عن ابن عيينة أنه كان يقول : أزواج سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في معنى المعتدات ، لأنهن لا يجوز لهن أن ينكحن أبدا ، فجرت لهن النفقة وتركت حجرهن لهن يسكنها .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية