الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  263 19 - حدثنا موسى بن إسماعيل ، قال : حدثنا أبو عوانة ، قال : حدثنا الأعمش ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن كريب مولى ابن عباس ، عن ابن عباس ، عن ميمونة بنت الحارث قالت : وضعت لرسول [ ص: 212 ] الله صلى الله عليه وسلم غسلا ، وسترته فصب على يده فغسلها مرة أو مرتين . قال سليمان : لا أدري أذكر الثالثة أم لا ؟ ثم أفرغ بيمينه على شماله فغسل فرجه ، ثم دلك يده بالأرض أو بالحائط ، ثم تمضمض واستنشق وغسل وجهه ويديه وغسل رأسه ، ثم صب على جسده ، ثم تنحى فغسل قدميه فناولته خرقة ، فقال بيده هكذا ولم يردها .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته لترجمة الباب ظاهرة ، وهذا الحديث تقدم من رواية موسى بن إسماعيل المذكور أيضا في باب الغسل مرة ، لكن شيخه هناك عبد الواحد بن زياد ، وها هنا أبو عوانة بفتح العين المهملة ، واسمه الوضاح اليشكري ، وفي ألفاظهما اختلاف ، وها هنا قولها : وضعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم . وهناك : وضعت للنبي صلى الله عليه وسلم ، وها هنا : غسلا ، وهناك : ماء غسل ، وها هنا بعد ذلك : وسترته فصب على يده فغسلهما مرة أو مرتين ، وهناك : فغسل يديه مرتين أو ثلاثا ، وها هنا بعده قال سليمان : لا أدري أذكر الثالثة أم لا ، ثم أفرغ بيمينه على شماله فغسل فرجه ، وهناك : فغسل مذاكيره ، ثم مسح يده بالأرض أو بالحائط ، وها هنا : ثم دلك يده بالأرض أو بالحائط ، وها هنا : ثم تمضمض ، وهناك : ثم مضمض ، وها هنا : ثم صب على جسده ، وهناك : ثم أفاض على جسده ، ثم تحول من مكانه فغسل قدميه ، وها هنا : ثم تنحى إلى آخر ما ذكر قولها : غسلا ، بضم الغين ، وهو ما يغتسل به ، وبالفتح مصدرا وبالكسر اسم ما يغسل به كالسدر ونحوه . قولها : وسترته . زاد ابن فضيل عن الأعمش بثوب ، أي : غطيت رأسه ، وقال بعضهم : الواو فيه حالية . قلت : ليس كذلك ، بل هو معطوف على قوله : وضعت . قولها : فصب معطوف على محذوف ، أي : فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الغسل فكشف رأسه فأخذه فصب على يده ، والمراد من اليد الجنس فصح إرادة كلتيهما منه ، وقال بعضهم : ما حاصله أن " فصب " عطف على وضعت ، والمعنى وضعت له ماء فشرع في الغسل . قلت : هذا تصرف من ليس له ذوق من معاني التراكيب ، وكيف يكون الصب معقبا الوضع وبينهما إغسال آخر ، ولا يجوز تفسير صب بمعنى شرع . قولها : قال سليمان هو ابن مهران الأعمش ، وهذا مقول أبي عوانة وفاعل قوله : أذكر الثالثة ، هو سالم بن أبي الجعد ، وقد مر في رواية عبد الواحد عن الأعمش فغسل يديه مرتين أو ثلاثا ، ولابن فضيل عن الأعمش : فصب على يديه ثلاثا ولم يشك ، أخرجه أبو عوانة في ( مستخرجه ) فكأن الأعمش كان يشك فيه ، ثم تذكر فجزم ; لأن سماع ابن فضيل منه متأخر عنه . قولها : فغسل قدميه بالفاء في رواية الأكثرين ، وفي رواية أبي ذر بالواو . قولها : فقال بيده ، أي : أشار بيده هكذا ، أي : لا أتناولها ، وقد ذكرنا أن القول يطلق على الفعل . قولها : ولم يردها بضم الياء من الإرادة لا من الرد وحكى في ( المطالع ) أن لم يردها بالتشديد رواية ابن السكن ، ثم قال : وهو وهم ; لأن المعنى يفسد حينئذ ، وقد رواه الإمام أحمد عن عفان عن أبي عوانة بهذا الإسناد ، وقال في آخره ، فقال هكذا وأشار بيده أن لا أريدها ، وفي رواية أبي حمزة عن الأعمش : فناولته ثوبا فلم يأخذه .

                                                                                                                                                                                  والأحكام المستنبطة منه قد ذكرناها .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية