الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2846 212 - حدثنا عبد الله بن محمد قال : حدثنا ابن عيينة ، عن عمرو ، سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : لما كان يوم بدر أتي بأسارى ، وأتي بالعباس ، ولم يكن عليه ثوب ، فنظر النبي صلى الله عليه وسلم له قميصا ، فوجدوا قميص عبد الله بن أبي يقدر عليه ، فكساه النبي صلى الله عليه وسلم إياه ، فلذلك نزع النبي صلى الله عليه وسلم قميصه الذي ألبسه . قال ابن عيينة : كانت له عند النبي صلى الله عليه وسلم يد فأحب أن يكافئه .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة : تؤخذ من قوله : فكساه النبي صلى الله تعالى عليه وسلم إياه ; وذلك لأن العباس بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم كان في جملة الأسارى يوم بدر ، وكان عريانا فكساه النبي صلى الله عليه وسلم ، وحديث جابر هذا قد مضى في أواخر كتاب الجنائز في باب : هل يخرج الميت من القبر ، بأتم من هذا ، فإنه أخرجه هناك عن علي بن عبد الله ، عن سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن جابر إلى آخره ، ومضى الكلام فيه هناك ، قوله : " فنظر النبي صلى الله عليه وسلم له " أي للعباس قميصا ، أي نظر يطلب قميصا لأجله فوجدوا قميص عبد الله بن أبي ابن سلول ، وكان العباس طوالا كأنه الفسطاط ، وكان أبوه عبد المطلب أطول منه ، وكان ابنه عبد الله إذا مشى مع الناس كأنه راكب والناس مشاة ، وكان العباس أطول منه ، فلم يجدوا قميصا قدره إلا قميص عبد الله بن أبي بن سلول ، وهو معنى قوله : يقدر عليه ، بضم الدال من قدرت الثوب عليه قدرا فانقدر ، أي جاء على المقدار ، قوله : " إياه " أي قميص عبد الله ، قوله : " فلذلك " أي فلأجل ذلك نزع النبي صلى الله عليه وسلم قميصه من بدنه فألبسه عبد الله بعد وفاته مكافأة على صنيعه ، وهو معنى قوله : قال ابن عيينة ، أي سفيان بن عيينة ، كانت له ، أي لعبد الله ، عند النبي صلى الله عليه وسلم يد ، أي نعمة ، فأحب النبي صلى الله عليه وسلم أن يكافئه .

                                                                                                                                                                                  وفيه أن المكافأة تكون في الحياة وبعد الممات ، وفيه كسوة الأسارى والإحسان إليهم ولا يتركون عراة فتبدو عوراتهم ، ولا يجوز النظر إلى عورات المشركين .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية