الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3151 4 - حدثنا محمد بن سلام ، أخبرنا الفزاري ، عن حميد ، عن أنس رضي الله عنه قال : بلغ عبد الله بن سلام مقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة فأتاه فقال : إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي قال : ما أول أشراط الساعة ؟ وما أول طعام يأكله أهل الجنة ؟ ومن أي شيء ينزع الولد إلى أبيه ؟ ومن أي شيء ينزع إلى أخواله ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : خبرني بهن آنفا جبريل قال : فقال عبد الله : ذاك عدو اليهود من الملائكة ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أما أول أشراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب ، وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد حوت ، وأما الشبه في الولد ، فإن الرجل إذا غشي المرأة فسبقها ماؤه كان الشبه له ، وإذا سبق ماؤها كان الشبه لها قال : أشهد أنك رسول الله ، ثم قال : يا رسول الله ، إن اليهود قوم بهت إن علموا بإسلامي قبل أن تسألهم بهتوني عندك ، فجاءت اليهود ، ودخل عبد الله البيت فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أي رجل فيكم عبد الله بن سلام ؟ قالوا : أعلمنا وابن أعلمنا ، وأخيرنا وابن أخيرنا ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أفرأيتم إن أسلم عبد الله قالوا : أعاذه الله من ذلك ، فخرج عبد الله إليهم ، فقال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله ، فقالوا : شرنا وابن شرنا ، ووقعوا فيه .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله : وأما الشبه إلى قوله : " كان الشبه لها " ; لأنه في الذرية والترجمة في خلق آدم وذريته وسلام بتخفيف اللام والفزاري بفتح الفاء وتخفيف الزاي وبالراء وهو مروان بن معاوية .

                                                                                                                                                                                  قوله : " بلغ عبد الله مقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة " عبد الله منصوب بقوله مقدم ، وهو مرفوع على الفاعلية ، والمقدم مصدر ميمي بمعنى القدوم ، والمدينة نصب على الظرفية ، قوله : " عن ثلاث " : أي عن ثلاث مسائل ، قوله : " أشراط الساعة " : أي علاماتها وهو جمع شرط بفتح الراء ، وبه سميت شرط السلطان ; لأنهم جعلوا لأنفسهم علامات يعلمون بها ، هكذا قال أبو عبيد ، وحكى الخطابي عن بعض أهل اللغة أنه أنكر هذا التفسير ، وقال : أشراط الساعة ما ينكره الناس من صغار أمورها قبل أن تقوم الساعة ، وشرط السلطان نخبة أصحابه الذين يقدمهم على غيرهم من جنده .

                                                                                                                                                                                  وقال ابن الأعرابي : هم الشرط والنسبة إليهم شرطي ، والشرطة والنسبة إليهم شرطي ، وفي دلائل النبوة للبيهقي سأله عن السواد الذي في القمر بدل أشراط الساعة ، وفي آخره لما قالت اليهود ما قالوا في ابن سلام ثانيا بعد الأولى ، فقال - صلى الله عليه وسلم - : أجزأنا الشهادة الأولى ، وأما هذه فلا ، قوله : " ينزع الولد إلى أبيه " : أي يشبه أباه ، ويذهب إليه ، قوله : " فزيادة كبد حوت " [ ص: 211 ] زيادة الكبد هي القطعة المنفردة المتعلقة بالكبد ، وهي أطيبها ، وهي في غاية اللذة ، وقيل : هي أهنأ طعام وأمرؤه ، قوله : " إذا غشي المرأة " : أي إذا جامعها ، قوله : " بهت " بضم الباء الموحدة وضم الهاء وسكونها جمع بهوت ، وهو كثير البهتان ، ويقال : بهت : أي كذابون وممارون لا يرجعون إلى الحق ، قوله : " أخيرنا " أفعل التفضيل من الخير ، وهذا دليل من قال : إن أفعل التفضيل بلفظ الأخير مستعمل ، ويقال : يروى أخبرنا بالباء الموحدة من الخبرة .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية