الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3164 16 - قال عبدان : أخبرنا عبد الله ، أخبرنا يونس ، عن الزهري ، ح حدثنا أحمد بن صالح ، حدثنا عنبسة ، حدثنا يونس ، عن ابن شهاب قال : قال أنس : كان أبو ذر رضي الله عنه يحدث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : فرج سقف بيتي وأنا بمكة ، فنزل جبريل ، ففرج صدري ، ثم غسله بماء زمزم ، ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانا ، فأفرغها في صدري ، ثم أطبقه ، ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء ، فلما جاء إلى السماء الدنيا قال جبريل لخازن السماء : افتح ، قال : من هذا ؟ قال : هذا جبريل ، قال : معك أحد ؟ قال : معي محمد ، قال : أرسل إليه ؟ قال : نعم ، فافتح ، فلما علونا السماء إذا رجل عن يمينه أسودة ، وعن يساره أسودة ، فإذا نظر قبل يمينه ضحك ، وإذا نظر قبل شماله بكى ، فقال : مرحبا بالنبي الصالح ، والابن الصالح ، قلت : من هذا يا جبريل ؟ قال : هذا آدم ، وهذه الأسودة عن يمينه ، وعن شماله نسم بنيه ، فأهل اليمين منهم أهل الجنة ، والأسودة التي عن شماله أهل النار ، فإذا نظر قبل يمينه ضحك ، وإذا نظر قبل شماله بكى ، ثم عرج بي جبريل حتى أتى السماء الثانية ، فقال لخازنها : افتح ، فقال له خازنها مثل ما قال الأول ، ففتح ، قال أنس : فذكر أنه وجد في السماوات آدم وإدريس وموسى وعيسى وإبراهيم ، ولم يثبت لي كيف منازلهم غير أنه قد ذكر أنه وجد آدم في السماء الدنيا ، وإبراهيم في السادسة .

                                                                                                                                                                                  وقال أنس : فلما مر جبريل بإدريس قال : مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح ، فقلت : من هذا ؟ قال : هذا إدريس ، ثم مررت بموسى فقال : مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح ، قلت : من هذا ؟ قال : هذا موسى ، ثم مررت بعيسى ، فقال : مرحبا [ ص: 225 ] بالنبي الصالح والأخ الصالح ، قلت : من هذا ؟ قال : عيسى ، ثم مررت بإبراهيم فقال : مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح ، قلت : من هذا ؟ قال : هذا إبراهيم
                                                                                                                                                                                  قال : وأخبرني ابن حزم أن ابن عباس ، وأبا حبة الأنصاري كانا يقولان قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ثم عرج بي حتى ظهرت لمستوى أسمع صريف الأقلام .

                                                                                                                                                                                  قال ابن حزم ، وأنس بن مالك رضي الله عنهما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ففرض الله علي خمسين صلاة ، فرجعت بذلك حتى أمر بموسى ، فقال لي موسى : ما الذي فرض على أمتك ؟ قلت : فرض عليهم خمسين صلاة ، قال : فراجع ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك ، فرجعت فراجعت ربي ، فوضع شطرها ، فرجعت إلى موسى فقال : راجع ربك ، فذكر مثله ، فوضع شطرها ، فرجعت إلى موسى فأخبرته فقال : راجع ربك ; فإن أمتك لا تطيق ذلك ، فرجعت فراجعت ربي فقال : هي خمس وهي خمسون ، لا يبدل القول لدي ، فرجعت إلى موسى فقال : راجع ربك ، فقلت : قد استحييت من ربي ، ثم انطلق حتى أتى السدرة المنتهى فغشيها ألوان لا أدري ما هي ، ثم أدخلت فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ ، وإذا ترابها المسك .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله : " فلما مر جبريل بإدريس " ، وكذلك في قوله : " وجد في السماوات إدريس " ، وهذا الحديث أخرجه البخاري في أول كتاب الصلاة من طريق واحد عن يحيى بن بكير ، عن الليث ، عن يونس ، عن ابن شهاب ، عن أنس بن مالك قال : كان أبو ذر يحدث إلى آخره ، وهنا أخرجه من طريقين :

                                                                                                                                                                                  الأول : عن عبدان ، ولكنه قال : قال عبدان بالتعليق : هكذا وقع في أكثر الروايات ، ووقع في رواية أبي ذر حدثنا عبدان ، وهو لقب عبد الله بن عثمان ، وقد مر غير مرة عن عبد الله بن المبارك ، عن يونس بن يزيد ، عن محمد بن مسلم الزهري .

                                                                                                                                                                                  الطريق الثاني : عن أحمد بن صالح بالتحديث ، وهو أحمد بن صالح أبو جعفر المصري ، عن عنبسة بفتح العين المهملة وسكون النون وفتح الباء الموحدة وبالسين المهملة ابن خالد ، سمع عمه يونس بن يزيد الأيلي ، عن ابن شهاب الزهري إلى آخره ، ومر الكلام فيه هناك مستوفى ، قوله : " أسودة " جمع السواد وهو الشخص ، قوله : " نسم بنيه " النسم بفتح النون والسين المهملة جمع نسمة وهي النفس .

                                                                                                                                                                                  وابن حزم بفتح الحاء المهملة وسكون الزاي هو أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري ، وأبو حبة بفتح الحاء المهملة وتشديد الباء الموحدة وهو المشهور ، وقال القابسي بالياء آخر الحروف ، وغلطوه في ذلك ، وقال الواقدي بالنون ، واختلف في اسمه فقيل : فقال أبو زرعة عامر ، وقيل : عمرو ، وقيل : ثابت ، وقال الواقدي : مالك .

                                                                                                                                                                                  قوله : " لمستوى " ، ويروى " بمستوى " بفتح الواو : أي مصعدا ، قوله : " حتى أتى السدرة " ، ويروى " حتى أتى بي السدرة " ، ويروى : " حتى أتى إلى السدرة" .

                                                                                                                                                                                  قوله : " ثم أدخلت " على صيغة المجهول : أي أدخلت الجنة ، ويروى " بإظهار الجنة " ، والله أعلم .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية