الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3211 60 - حدثني عبد الله بن محمد الجعفي، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن همام، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بينما أيوب يغتسل عريانا خر عليه رجل جراد من ذهب، فجعل يحثي في ثوبه، فنادى ربه: يا أيوب ألم أكن أغنيتك عما ترى؟ قال: بلى يا رب، ولكن لا غنى لي عن بركتك

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة من حيث إن عقيب قوله "رب أني مسني الضر" جاء الوحي بقوله: "اركض برجلك" فركض فنبع الماء فاغتسل فيه وهو عريان، فنزل عليه رجل جراد. ورواة هذا قد مروا غير مرة.

                                                                                                                                                                                  والحديث مر في الطهارة في باب من اغتسل عريانا، ومر الكلام فيه، وقد ذكرنا غير مرة أن أصل بينا بين، فأشبعت الفتحة بالألف، ويضاف إلى جملة، وهي "أيوب" مبتدأ "ويغتسل" خبره "وعريانا" نصب على الحال.

                                                                                                                                                                                  قوله: "خر" أي سقط، وهو جواب "بينا" وقد ذكرنا أيضا أن الأفصح في جوابه أن يكون بلا; إذ قوله: " رجل" بكسر الراء وسكون الجيم، وهو جماعة من الجراد كما يقال: سرب من الظباء، وعانة من الحمر، وهو من أسماء الجماعات التي لا واحد لها من لفظها.

                                                                                                                                                                                  قوله: "يحثي" بالثاء المثلثة، أي يأخذ بيديه جميعا، وفي رواية بشير بن نهيك "يلتقط" وروى ابن أبي حاتم من حديث ابن عباس "فجعل أيوب ينشر طرف ثوبه فيأخذ الجراد فيجعله فيه فكلما امتلأت ناحية نشر ناحية".

                                                                                                                                                                                  قوله: "فناداه ربه" يحتمل أن يكون بواسطة أو بلا واسطة أو بإلهام.

                                                                                                                                                                                  قوله: "بلى" أي أغنيتني.

                                                                                                                                                                                  قوله: "لا غنى لي" بكسر الغين المعجمة مقصور بلا تنوين، وخبر "لا" يجوز أن يكون قوله: "لي" أو قوله: "من بركتك" ويروى "من فضلك".

                                                                                                                                                                                  وقال وهب: تطاير الجراد من الماء الذي اغتسل فيه، وكان له أندران أحدهما القمح، والآخر الشعير، فبعث الله سحابتين، فأفرغت إحداهما على أندر القمح ذهبا والأخرى فضة، وتطاير الجراد على الكل، وإنما خص الجراد لكثرته.

                                                                                                                                                                                  وقال الخطابي: فيه دلالة على أن من نثر عليه دراهم أو نحوها في أملاك ونحوه أنه أحق بما نثر عليه، وتعقبه ابن التين فقال: ليس كما ذكره; لأنه شيء خص الله به نبيه أيوب، وإن ذلك شيء من فعل الآدمي، فيكره فعله; لأنه من السرف، وينازع في كونه خاصا، وبأنه جاء من الشارع، ولا سرف فيه.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية