الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3288 129 - حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا ليث، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها أن قريشا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت، فقال: ومن يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: ومن يجتري عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فكلمه أسامة، فقال [ ص: 60 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتشفع في حد من حدود الله! ثم قام فاختطب، ثم قال: إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وايم الله لو أن فاطمة ابنة محمد سرقت لقطعت يدها.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله: " إنما أهلك الذين من قبلكم "؛ لأن المراد منهم بنو إسرائيل، والدليل عليه قوله في بعض طرقه: إن بني إسرائيل كانوا.

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه البخاري أيضا في فضل أسامة عن قتيبة، وفي الحدود عن أبي الوليد.

                                                                                                                                                                                  وأخرجه مسلم في الحدود عن قتيبة ومحمد بن رمح، وأخرجه أبو داود فيه عن يزيد بن خالد وقتيبة، وأخرجه الترمذي فيه، والنسائي في القطع؛ جميعا عن قتيبة.

                                                                                                                                                                                  وأخرجه ابن ماجه في الحدود عن محمد بن رمح.

                                                                                                                                                                                  قوله: (أهمهم)؛ أي: أحزنهم.

                                                                                                                                                                                  قوله: (شأن المرأة)؛ أي: حال المرأة المخزومية، وهي فاطمة بنت الأسود بن عبد الأسد بنت أخي أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد، وكانت سرقت حليا، وكان ذلك في غزوة الفتح، وقتل أبوها كافرا يوم بدر وكان حلف ليكسرن حوض رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - فقاتل حتى وصل إليه فأدركه حمزة رضي الله عنه وهو يكسره فقتله، فاختلط دمه بالماء.

                                                                                                                                                                                  قوله: (فقالوا)؛ أي: قريش.

                                                                                                                                                                                  قوله: (فيها)؛ أي: في المرأة المخزومية، أي: لأجلها.

                                                                                                                                                                                  قوله: (ومن يجترئ عليه؟)؛ أي: ومن يتجاسر عليه بطريق الإدلال.

                                                                                                                                                                                  قوله: (حب رسول الله صلى الله عليه وسلم) بكسر الحاء المهملة وتشديد الباء الموحدة؛ أي: محبوب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                  قوله: (أتشفع)، الهمزة فيه للاستفهام على سبيل الإنكار.

                                                                                                                                                                                  قوله: (أنهم) بفتح الهمزة.

                                                                                                                                                                                  قوله: (وايم الله)، اختلف في همزته هل هي للوصل أو للقطع، وهو من ألفاظ القسم نحو: لعمر الله وعهد الله، وفيه لغات كثيرة، وتفتح همزته وتكسر، قال ابن الأثير: وهمزتها همزة وصل وقد تقطع، وأهل الكوفة من النحاة يزعمون أنه جمع يمين، وغيرهم يقول: هو اسم موضوع للقسم.

                                                                                                                                                                                  وفيه النهي عن الشفاعة في الحدود ولكن ذلك بعد بلوغه إلى الإمام، وفيه منقبة ظاهرة لأسامة رضي الله تعالى عنه.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية