الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3341 41 - حدثنا محمد بن سنان، حدثنا سليم، حدثنا سعيد بن ميناء، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: مثلي ومثل الأنبياء كمثل رجل بنى دارا فأكملها، وأحسنها إلا موضع لبنة، فجعل الناس يدخلونها، ويتعجبون، ويقولون: لولا موضع اللبنة.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة تؤخذ من معناه؛ لأن في طريق من طرق الحديث عند الإسماعيلي من رواية عثمان، عن سليم بن حيان: فأنا موضع اللبنة، جئت فختمت الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.

                                                                                                                                                                                  ومحمد بن سنان بكسر السين المهملة، وتخفيف النون، وبعد الألف نون أخرى أبو بكر العوفي الباهلي الأعمى، وهو من أفراده. وسليم، بفتح السين المهملة، وكسر اللام ابن حيان، بفتح الحاء المهملة، وتشديد الياء آخر الحروف، وسعيد بن ميناء بكسر الميم، وسكون الياء آخر الحروف، وبالنون ممدودا، ومقصورا.

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه مسلم في فضائل النبي صلى الله عليه وسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة، وعن محمد بن حاتم. وأخرجه الترمذي في الأمثال، عن محمد بن إسماعيل البخاري به. وقال: صحيح غريب من هذا الوجه.

                                                                                                                                                                                  قوله: مثلي مبتدأ، ومثل الأنبياء عطف عليه، وقوله: كمثل رجل خبره، والمثل ما يضرب به الأمثال، وفي الجمهرة: المثل النظير، والمشبه هنا واحد، والمشبه به متعدد فكيف يصح التشبيه، ووجهه أنه جعل الأنبياء كلهم كواحد فيما قصد في التشبيه، وهو أن المقصود من تعيينهم ما تم إلا باعتبار الكل، فكذلك الدار لم يتم إلا بجميع اللبنات، ويقال: إن التشبيه هنا ليس من باب تشبيه المفرد بالمفرد، بل هو تشبيه تمثيلي، فيؤخذ وصف من جميع أحوال المشبه، ويشبه بمثله من أحوال المشبه به، فيقال: شبه الأنبياء، وما بعثوا به من إرشاد الناس إلى مكارم الأخلاق بدار أسس قواعده، ورفع بنيانه، وبقي منه موضع لبنة، فنبينا صلى الله عليه وسلم بعث لتتميم مكارم الأخلاق كأنه هو تلك اللبنة التي بها إصلاح ما بقي من الدار. قوله: " إلا موضع لبنة، بفتح اللام، وكسر الباء الموحدة، وجاز إسكانها مع فتح اللام وكسرها، وهي القطعة من الطين تعجن، وتيبس، ويبنى بها بناء، فإذا أحرقت تسمى آجرة. قوله: " لولا موضع اللبنة " بالرفع على أنه مبتدأ وخبره محذوف، أي: لولا موضع اللبنة يوهم النقص لكان بناء الدار كاملا كما في قولك: لولا زيد لكان كذا، أي: لولا زيد موجود لكان كذا، ويجوز أن تكون لولا تحضيضية لا امتناعية، وفعله محذوف، أي: لولا ترك موضع اللبنة أو سوى، ويجوز موضع بالنصب، أي: لولا تركت أيها الرجل موضعها، ونحو ذلك، ووقع في رواية همام عند أحمد: ألا وضعت هاهنا لبنة فيتم بنيانك.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية