الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3413 113 - حدثني عبد الله بن محمد، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر عن همام، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تقوم الساعة حتى يقتتل فئتان فيكون بينهما مقتلة عظيمة دعواها واحدة، ولا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريبا من ثلاثين كلهم يزعم أنه رسول الله.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  هذا طريق آخر في حديث أبي هريرة المذكور، وفيه زيادة وهي قوله: " تكون بينهما مقتلة عظيمة ". وقوله: " ولا تقوم الساعة حتى يبعث " إلى آخره. قوله: " مقتلة عظيمة " المقتلة بفتح الميم مصدر ميمي أي: قتل عظيم فإن كان المراد من الفئتين فئة علي وفئة معاوية كما زعموا فقد قتل بينهما، وحكى ابن الجوزي في المنتظم عن أبي الحسن البراء قال: قتل بصفين سبعون ألفا خمسة وعشرون ألفا من أهل العراق وخمسة وأربعون ألفا من أهل الشام، فمن أصحاب أمير المؤمنين علي خمسة وعشرون بدريا، وكان المقام بصفين مائة يوم وعشرة أيام، وكانت فيه تسعون وقعة. وحكي عن ابن سيف أنه قال: أقاموا بصفين تسعة أو سبعة أشهر، وكان القتال بينهم سبعين زحفا. قال: وقال الزهري: بلغني أنه كان يدفن في القبر الواحد خمسون رجلا. قوله: " حتى يبعث " على صيغة المجهول أي: حتى يخرج ويظهر، وليس المراد بالبعث الإرسال المقارن للنبوة، بل هو كقوله تعالى: أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين

                                                                                                                                                                                  قوله: " دجالون " جمع دجال، واشتقاقه من الدجل وهو التخليط والتمويه، ويطلق على الكذب فعلى هذا قوله: " كذابون " تأكيد. قوله: " قريبا " نصب على الحال من النكرة الموصوفة، ووقع في رواية أحمد قريب بالرفع على أنه صفة بعد صفة. قوله: " من ثلاثين " أي: ثلاثين نفسا، كل واحد منهم يزعم أنه رسول الله، وعد منهم عبد الله بن الزبير ثلاثة وهم: مسيلمة والأسود العنسي والمختار، رواه أبو يعلى في مسنده بإسناد حسن عن عبد الله بن الزبير بلفظ: لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذابا منهم مسيلمة والعنسي والمختار .

                                                                                                                                                                                  قلت: ومنهم طليحة بن خويلد وسجاح التميمية والحارث الكذاب، وجماعة في خلافة بني العباس، وليس المراد بالحديث من ادعى النبوة مطلقا فإنهم لا يحصون كثرة؛ لكون غالبهم من نشأة جنون أو سوداء غالبة، وإنما المراد من كانت له شوكة وسول لهم الشيطان بشبهة. قلت: خرج مسيلمة باليمامة والأسود باليمن في آخر زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وقتل الأسود قبل أن يموت النبي صلى الله عليه وسلم وقتل مسيلمة في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه، وخرج طليحة في خلافة أبي بكر ثم تاب ومات على الإسلام على الصحيح في خلافة عمر رضي الله تعالى عنه، وقيل: إن سجاح تابت، والمختار بن عبيد الله الثقفي غلب على الكوفة في أول خلافة ابن الزبير، [ ص: 142 ] ثم ادعى النبوة، وزعم أن جبريل عليه الصلاة والسلام يأتيه، وقتل في سنة بضع وستين، والحارث خرج في خلافة عبد الملك بن مروان فقتل.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية