الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3452 152 - حدثنا عبد الله بن رجاء، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء قال: اشترى أبو بكر رضي الله عنه من عازب رحلا بثلاثة عشر درهما فقال أبو بكر لعازب: مر البراء فليحمل إلي رحلي فقال عازب: لا، حتى تحدثنا كيف صنعت أنت ورسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرجتما من مكة والمشركون يطلبونكم قال: ارتحلنا من مكة فأحيينا أو سرينا ليلتنا ويومنا حتى أظهرنا وقام قائم الظهيرة، فرميت ببصري هل أرى من ظل فآوي إليه، فإذا صخرة أتيتها فنظرت بقية ظل لها فسويته، ثم فرشت للنبي صلى الله عليه وسلم فيه ثم قلت له: اضطجع يا نبي الله فاضطجع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم انطلقت أنظر ما حولي هل أرى من الطلب أحدا، فإذا أنا براعي غنم يسوق غنمه إلى الصخرة يريد منها الذي أردنا، فسألته فقلت له: لمن أنت يا غلام؟ قال: لرجل من قريش سماه فعرفته فقلت: هل في غنمك من لبن؟ قال: نعم. قلت: فهل أنت حالب لبنا؟ قال: نعم. فأمرته فاعتقل شاة من غنمه، ثم أمرته أن ينفض ضرعها من الغبار، ثم أمرته أن ينفض كفيه فقال: هكذا؛ ضرب إحدى كفيه بالأخرى فحلب لي كثبة من لبن وقد جعلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم إداوة على فمها خرقة، فصببت على اللبن حتى برد أسفله فانطلقت به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوافقته قد استيقظ، فقلت له: اشرب يا رسول الله، فشرب حتى رضيت، ثم قلت: قد آن الرحيل يا رسول الله؟ قال: بلى فارتحلنا والقوم يطلبونا فلم يدركنا أحد منهم غير سراقة بن مالك بن جعشم على فرس له. فقلت: هذا الطلب قد لحقنا يا رسول الله فقال: لا تحزن إن الله معنا.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة تؤخذ من حيث إن فيه فضيلة أبي بكر رضي الله تعالى عنه. وعبد الله بن رجاء بالجيم والمد ابن المثنى [ ص: 174 ] الفداني أبو عمرو البصري، وإسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، يروي عن جده أبي إسحاق واسمه عمرو بن عبد الله الكوفي والبراء بن عازب بن الحارث الأنصاري الخزرجي الأوسي.

                                                                                                                                                                                  والحديث مضى عن قريب في باب علامات النبوة، ومضى الكلام فيه هناك، ولنذكر هنا ما يحتاج إليه.

                                                                                                                                                                                  قوله: " أو سرينا " شك من الراوي من السرى وهو المشي في الليل. قوله: " حتى أظهرنا " كذا عند أبي ذر بالألف وأسقطها غيره، والصواب الأول؛ أي: صرنا في وقت الظهر. قوله: " قلت: قد آن الرحيل " أي: دخل وقته، وقد تقدم في علامات النبوة أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال: ألم يأن الرحيل؟ ولا منافاة لجواز اجتماعهما. قوله: " هذا الطلب " جمع الطالب. قوله: " إن الله معنا " اقتصر فيه على هذا المقدار، وقد روى الإسماعيلي هذا الحديث عن أبي خليفة عن عبد الله بن رجاء شيخ البخاري، فزاد فيه في آخره: ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه حتى أتينا المدينة ليلا فتنازع القوم أيهم ينزل عليه، فذكر القصة مطولة.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية