الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3671 366 - حدثنا محمود ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن ابن المسيب ، عن أبيه أن أبا طالب لما حضرته الوفاة دخل عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وعنده أبو جهل ، فقال : أي عم ، قل : لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله ، فقال أبو جهل ، وعبد الله بن أبي أمية : يا أبا طالب ، أترغب [ ص: 18 ] عن ملة عبد المطلب فلم يزالا يكلمانه حتى قال آخر شيء كلمهم به على ملة عبد المطلب ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : لأستغفرن لك ما لم أنه عنه ، فنزلت : ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم ونزلت إنك لا تهدي من أحببت

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة ، ومحمود هو ابن غيلان أبو أحمد العدوي المروزي ، وابن المسيب هو سعيد يروي عن أبيه المسيب بن حزن بن أبي وهب القرشي المخزومي ، وقيل : قال الحفاظ : لم يرو عن المسيب إلا سعيد ، والمشهور من شرط البخاري أنه لا يروي عمن له راو واحد ، وأجيب بأنه لعله أراد من غير الصحابة رضي الله تعالى عنهم .

                                                                                                                                                                                  قوله : " لما حضرته الوفاة : أي قربت وفاته ، وظهرت علاماتها وذلك قبل النزع والغرغرة . قوله : " وعنده أبو جهل " الواو فيه للحال ، وأبو جهل هو عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي ، عدو الله ، فرعون هذه الأمة .

                                                                                                                                                                                  قوله : " أي عم " : أي يا عمي . قوله : " كلمة " منصوب ; لأنه بدل من مقول القول الذي هو لا إله إلا الله . قوله : " أحاج " بتشديد الجيم ، وأصله أحاجج ، وقد تقدم في آخر الجنائز بلفظ أشهد لك بها عند الله . قوله : " بها " : أي بهذه الكلمة . قوله : " وعبد الله بن أبي أمية " هو ابن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم ، وهو أخو أم سلمة التي تزوجها النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - بعد ذلك ، وقد أسلم عبد الله هذا يوم الفتح ، وقيل : قبل الفتح ، واستشهد في تلك السنة في غزوة حنين . قوله : " أترغب " الهمزة فيه للاستفهام على سبيل الاستخبار . قوله : " فلم يزالا " : أي أبو جهل ، وعبد الله المذكور . قوله : " يكلمانه " ، ويروى يكلماه بإسقاط النون على لغة قليلة . قوله : " على ملة " خبر مبتدأ محذوف أي : أنا على ملة عبد المطلب : أي على ما كان يعتقده من غير دين الإسلام .

                                                                                                                                                                                  قوله : " ما لم أنه " بضم الهمزة وسكون النون على صيغة المجهول : أي ما لم ينهني الله عنه ، أي عن الاستغفار المذكور الذي دل عليه قوله : لأستغفرن لك قوله : " فنزلت : ما كان للنبي الآية ، قيل في نزول هذه الآية في هذه القصة نظر ; لأنها عامة في حقه وحق غيره ، قوله : ونزلت : إنك لا تهدي من أحببت هذا ظاهر أنه نزل في قصة أبي طالب ، وروى أحمد من طريق أبي حازم ، عن أبي هريرة في قصة أبي طالب قال : فأنزل الله : إنك لا تهدي من أحببت وهذا كله ظاهر على أنه مات على غير الإسلام .

                                                                                                                                                                                  ( فإن قلت ) : ذكر السهيلي أنه رأى في بعض كتب المسعودي أنه أسلم . ( قلت ) : مثل هذا لا يعارض ما في الصحيح ، والله أعلم .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية