الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3734 2 - حدثني أحمد بن عثمان ، حدثنا شريح بن مسلمة ، حدثنا إبراهيم بن يوسف ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق قال : حدثني عمرو بن ميمون أنه سمع عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - حدث عن سعد بن معاذ أنه قال : كان صديقا لأمية بن خلف ، وكان أمية إذا مر بالمدينة نزل على سعد ، وكان سعد إذا مر بمكة نزل على أمية ، فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة انطلق سعد معتمرا فنزل على أمية بمكة ، فقال لأمية : انظر لي ساعة خلوة لعلي أن أطوف بالبيت ، فخرج به قريبا من نصف النهار ، فلقيهما أبو جهل فقال : يا أبا صفوان ، من هذا معك ؟ فقال : هذا سعد ، فقال له أبو جهل : ألا أراك تطوف بمكة آمنا وقد أويتم الصباة وزعمتم أنكم تنصرونهم وتعينونهم ، أما والله لولا أنك مع أبي صفوان ما رجعت إلى أهلك سالما ، فقال له سعد ورفع صوته عليه : أما والله لئن منعتني هذا لأمنعنك ما هو أشد عليك منه ، طريقك على المدينة ، فقال له أمية : لا ترفع صوتك يا سعد على أبي الحكم سيد أهل الوادي ، فقال سعد : دعنا عنك يا أمية ، فوالله لقد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : إنهم قاتلوك ، قال : بمكة ؟ قال : لا أدري ، ففزع لذلك أمية فزعا شديدا ، فلما رجع أمية إلى أهله قال : يا أم صفوان ، ألم تري ما قال لي سعد ؟ قالت : وما قال لك ؟ قال : زعم أن محمدا أخبرهم أنهم قاتلي ، فقلت له : بمكة ؟ قال : لا أدري ، فقال أمية : والله لا أخرج من مكة ، فلما كان يوم بدر استنفر أبو جهل الناس ، قال : أدركوا عيركم ، فكره أمية أن يخرج ، فأتاه أبو جهل فقال : يا أبا صفوان ، إنك متى يراك الناس قد تخلفت وأنت سيد أهل الوادي تخلفوا معك ، فلم يزل به أبو جهل حتى قال : أما إذ غلبتني فوالله لأشترين أجود بعير بمكة ، ثم قال أمية : يا أم صفوان جهزيني ، فقالت له : يا أبا صفوان ، وقد نسيت ما قال لك أخوك اليثربي ؟ قال : لا ، ما أريد أن أجوز معهم إلا قريبا ، فلما خرج أمية أخذ لا ينزل منزلا إلا عقل بعيره ، فلم يزل بذلك حتى قتله الله عز وجل ببدر .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة لأنه - صلى الله تعالى عليه وسلم - أخبر بمن يقتل ببدر ، فهذا أمية قتل ببدر ، وهذا من أبلغ معجزاته - صلى الله تعالى عليه وسلم - .

                                                                                                                                                                                  وأحمد بن عثمان بن حكيم الأودي ، وشريح بضم الشين المعجمة وبالحاء المهملة ابن مسلمة بفتح الميم واللام الكوفي ، وإبراهيم بن يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق السبيعي ، ويوسف هذا يروي عن جده أبي إسحاق .

                                                                                                                                                                                  والحديث قد تقدم في علامات النبوة في الإسلام ، فإنه أخرجه هناك عن أحمد بن إسحاق عن عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق إلى آخره ، وتقدم الكلام فيه هناك .

                                                                                                                                                                                  قوله: " وقد أويتم " بالمد والقصر ، والصباة بضم الصاد جمع الصابي ، وهو [ ص: 76 ] المائل عن دينه إلى دين غيره . قوله : " طريقك " قال الكرماني : بالنصب والرفع ، ولم يبين وجههما ، قلت : أما بالنصب فعلى أنه بدل من قوله : " ما هو أشد عليك منه " وأما الرفع فعلى أنه خبر مبتدأ محذوف أي : هو طريقك . قوله : " قاتلوك " ويروى قاتليك على غير القياس بتأويل يكونون قاتليك ، ويروى قاتلتك ، أي : الطائفة القاتلون لك . قوله : " قال : بمكة " أي : قال أمية : إنهم قاتلوني بمكة . قوله : " أخبرهم " أي : أخبر النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - أصحابه - رضي الله تعالى عنهم . قوله : " أنهم " أي : أن أبا جهل وأتباعه قاتلي بتشديد الياء . قوله : " استنفر " أي : طلب الخروج من الناس . قوله : " عيركم " بكسر العين المهملة ، وهو الإبل التي تحمل الميرة . قوله : " متى يراك الناس " ويروى متى يرك الناس بالجزم . قوله : " أخوك اليثربي " أراد به سعدا ، والمراد الأخوة بينهما بحسب المعاهدة والموالاة . قوله : " أن أجوز " أي : أنفذ أو أن أسلك . قوله : " حتى قتله الله " أي : قدر الله قتله بيد بلال مؤذن رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - ولما كان أبو جهل هو السبب في خروج أمية إلى القتال أضيف إليه ; لأن القتل كما يكون مباشرة يكون سببا .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية