الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3740 8 - حدثنا عمرو بن خالد ، حدثنا زهير ، حدثنا أبو إسحاق ، قال : سمعت البراء - رضي الله عنه - يقول : حدثني أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - ممن شهد بدرا أنهم كانوا عدة أصحاب طالوت الذين جازوا معه النهر بضعة عشر وثلاثمائة ، قال البراء : لا والله ما جاوز معه النهر إلا مؤمن .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  هذا طريق آخر في حديث البراء أخرجه عن عمرو بن خالد الحراني عن زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله ، والحديث من أفراده .

                                                                                                                                                                                  قوله: " أصحاب طالوت " هو ابن قشن بن أقبيل بن صادق بن يحوم بن يحورث بن أفيح بن ناحور بن بنيامين بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليه السلام ، واسم طالوت بالعبرانية شاول ، وكان دباغا يعمل الأدم ، قاله وهب ، وقال عكرمة والسدي : كان سقاء يسقي على حمار له من النيل ، فضل حماره فخرج في طلبه ، وقد ذكر الله تعالى قصته في القرآن في سورة البقرة ، وملخصها أن الله عز وجل بعث إلى بني إسرائيل نبيا يقال له أشمويل من ذرية هارون عليه السلام ، وكان قد غلب عليهم جالوت ملك العمالقة ، وكانوا يسكنون ساحل بحر الروم بين مصر وفلسطين ، وطلب بنو إسرائيل من أشمويل أن يجعل عليهم ملكا يقاتل جالوت ، فسأل الله فأمر عليهم طالوت ، وذلك أن أشمويل حين سأل الله ذلك أتى بعصا وقرن فيه دهن القدس ، وقيل له : إن الذي يكون لكم ملكا يكون طوله طول هذه العصا ، وإذا دخل عليك ينشف هذا الدهن ، فاتفق أن طالوت حين خرج في طلب حماره دخل عليه فرآه فقاسه فجاء طول العصا ونشف الدهن الذي في القرن ، ولما رأى أشمويل ذلك قال له : أنت ملك بني إسرائيل ، وأخبرهم بذلك ، وقال الله تعالى : وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا وقصته طويلة ، فآخر الأمر اجتمع عنده ثمانون ألفا ، فقال لهم طالوت بأمر أشمويل : إن الله مبتليكم بنهر ليرى طاعتكم ، وهو نهر الأردن ، وقال ابن كثير : هو النهر المسمى بالشريعة فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني يعني من أهل ديني وطاعتي فشربوا منه إلا قليلا وهم ثلاثمائة وبضعة عشر كما ذكر في حديث الباب ، وكان فيهم داود عليه السلام ، فلما وقعت المقاتلة بين طالوت وجالوت عند قصر أم حكيم بقرب مرج الصفر بحوران من نواحي دمشق قتل داود جالوت كما أخبر الله في كتابه العزيز ، ومات أشمويل بعد انكسار جالوت ، وكان عمره اثنين وخمسين سنة ، ثم إن طالوت اشتغل بالغزو حتى قتل هو وأولاده جميعا ، وكانت مدة ملكه أربعين سنة ، وكان أحلم الناس وأعلمهم وأطولهم فلذلك سمي طالوت ، وقيل : أوحي إليه ونبئ ، ذكره الزمخشري ، والله أعلم ، ثم افترقت أسباط بني إسرائيل ، فملك سبط يهوذا داود عليه السلام ابن إيشا .

                                                                                                                                                                                  قوله : " جازوا معه النهر " بالجيم والزاي ، وهو رواية الكشميهني بغير ألف في أوله ، وفي رواية غيره وأجازوا بالألف ، وفي رواية إسرائيل جاوزوا من المجاوزة ، والكل بمعنى التعدية ، وقد مر تفسير النهر وتفسير بضعة أيضا عن قريب . قوله : " لا والله " كلمة لا إما لنفي كلام تقدم بينهم فيما يتعلق بالمسألة ، وإما زائدة لتأكيد معنى عدم المجاوزة .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية