الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3761 31 - حدثني عبد الله بن محمد ، حدثنا معاوية بن عمرو ، حدثنا أبو إسحاق ، عن حميد ، قال : سمعت أنسا - رضي الله عنه - يقول : أصيب حارثة يوم بدر ، وهو غلام ، فجاءت أمه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت : يا رسول الله ، قد عرفت منزلة حارثة مني ، فإن يكن في الجنة أصبر وأحتسب ، وإن تك الأخرى ترى ما أصنع ، فقال : ويحك ، أوهبلت ؟ أوجنة واحدة هي ؟ إنها جنان كثيرة ، وإنه في جنة الفردوس .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة .

                                                                                                                                                                                  ومعاوية بن عمرو بن المهلب الأزدي بالزاي البغدادي ، روى عنه البخاري بلا واسطة في الجمعة في باب إذا نفر الناس ، وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن الحارث بن أسماء بن خارجة بن حصين بن حذيفة بن بدر الفزاري ، أحد الأعلام ، قال أبو حاتم : ثقة مأمون إمام ، مات بالمصيصة سنة ست وثمانين ومائة .

                                                                                                                                                                                  والحديث مضى في كتاب الجهاد من حديث قتادة عن أنس .

                                                                                                                                                                                  قوله: " أصيب حارثة " بالحاء المهملة والراء والثاء المثلثة ابن سراقة بضم السين المهملة الأنصاري ، وهو أول قتيل قتل من الأنصار ببدر ، وكان خرج نظارا وهو غلام ، فرماه حبان بن العرقة بسهم وهو يشرب من الحوض فقتله . قوله : " أمه " هي الربيع بضم الراء وفتح الباء الموحدة وتشديد الياء آخر الحروف وبالعين المهملة بنت النضر عمة أنس بن مالك . قوله : " ترى " ويروى " تر " بالجزم ، وهو مثل قوله تعالى : أينما تكونوا يدرككم الموت قرئ بالرفع فقيل : هو على حذف الفاء ، كأنه قيل : فيدرككم . قوله : " ويحك " هو كلمة ترحم وإشفاق ، وقال الداودي : هو توبيخ . قوله : " أوهبلت ؟ " الهمزة فيه للاستفهام والواو مفتوحة للعطف على مقدر ، ولقد غلط صاحب التوضيح فقال : أوهبلت بلفظ صيغة المعلوم والمجهول ، فقيل : صيغة المجهول رواية أبي الحسن ، وصيغة المعلوم رواية أبي ذر من قولهم : هبلته ، أي : ثكلته ، وهبله اللحم أي : غلب عليه ، وقيل : [ ص: 95 ] هذا اللفظ قد يرد بمعنى المدح والإعجاب ، وقال الداودي : معناه أجهلت ، ورد عليه بأنه لم يقع عند أحد من أهل اللغة بهذا المعنى . قوله : " أوجنة " كذلك الهمزة فيه للاستفهام على سبيل الإنكار ، والواو للعطف . قوله : " هي " في محل الرفع على الابتداء وخبره محذوف تقديره : هي جنة واحدة ، والهمزة فيه مقدرة تقديره : أهي جنة واحدة ، يعني ليست بجنة واحدة ، إنها جنان ، وهو جمع تكسير ، ويجمع على جنات أيضا ، وهو جمع قلة . قوله : " وإنه " أي : وإن حارثة في جنة الفردوس ، وهو أوسط الجنة وأعلاها ، ومنه يتفجر أنهار الجنة ، والفردوس البستان ، قال الفراء : عربي ، وقيل : بلسان الروم ، وروي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : الفردوس ربوة الجنة وأوسطها وأفضلها .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية