الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4038 295 - حدثني إسحاق ، حدثنا عبد الصمد ، قال : حدثني أبي ، حدثنا أيوب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم مكة أبى أن يدخل البيت وفيه الآلهة ; فأمر بها فأخرجت ، فأخرج صورة إبراهيم وإسماعيل في أيديهما من الأزلام ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : قاتلهم الله ، لقد علموا ما استقسما بها قط ، ثم دخل البيت فكبر في نواحي البيت ، وخرج ولم يصل فيه .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة من حيث إن قدومه هذا مكة كان في سنة الفتح ، وإسحاق هو ابن منصور ، وعبد الصمد هو ابن عبد الوارث بن سعيد ، وفي رواية الأصيلي : ليس فيه حدثني أبي بعد قوله : " عبد الصمد " قيل لا بد منه .

                                                                                                                                                                                  والحديث مضى في كتاب الأنبياء عليهم السلام في باب قول الله تعالى : واتخذ الله إبراهيم خليلا فإنه أخرجه هناك عن إبراهيم بن موسى ، عن هشام ، عن معمر ، عن أيوب ، عن عكرمة إلى آخره .

                                                                                                                                                                                  قوله : " أبى " أي : امتنع ، قوله : " الآلهة " أي : الأصنام التي سماها المشركون بالآلهة ، قوله : " فأمر بها فأخرجت " فإن قلت : من كان الذي أخرجها ( قلت ) : روى أبو داود من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ، وهو بالبطحاء أن يأتي الكعبة فيمحو كل صورة فيها ، فلم يدخلها حتى نحيت الصور ، وكان عمر هو الذي أخرجها ، قيل : إنه محا ما كان من الصور مدهونا ، وأخرج ما كان مخروطا ، فإن قلت : قد تقدم في الحج من حديث أسامة أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة فرأى صورة ، فدعا بماء فجعل يمحوها ، ( قلت ) : هو محمول على محو بقية بقيت منها ، قوله : " الأزلام " جمع زلم ، وهي السهام التي كانوا يستقسمون بها الخير والشر ، وتسمى القداح المكتوب عليها الأمر والنهي : افعل ولا تفعل كان الرجل منهم يضعها في وعاء له ، وإذا أراد سفرا أو زواجا أو أمرا مهما أدخل يده فأخرج منها زلما ، فإن خرج الأمر مضى لشأنه ، وإن خرج النهي كف عنه ولم يفعله ، قوله : " ولم يستقسما بها " أي : ما استقسم إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام بالأزلام قط ، وهو من الاستقسام ، وهو طلب القسم الذي قسم له وقدر ، وهو استفعال منه كانوا يفعلون بالأزلام مثل ما ذكرنا ، وقال ابن الأثير : كان على بعضها مكتوب : أمرني ربي ، وعلى الآخر نهاني ربي ، وعلى الآخر غفل ، فإن خرج أمرني ربي مضى لشأنه ، وإن خرج نهاني أمسك ، وإن خرج الغفل أعاد حالها وضرب بها أخرى إلى أن يخرج الأمر أو النهي .

                                                                                                                                                                                  [ ص: 284 ] ( قلت ) : الغفل بضم الغين المعجمة ، وسكون الفاء وباللام ، وهو الذي لا يرجى خيره ولا شره ، قوله : " ولم يصل فيه " أي : في البيت ، وفي الحديث الذي يأتي صلى فيه ، وقد علم أن رواية المثبت مقدمة على رواية النافي .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية